استوقفني اليوم ما كتبته الأخت الفاضلة لمى خاطر تحت عنوان " أين حرية التعبير يا سلام فيّاض"، وفيه تسرد قصة الطالبة الجامعية فاطمة الزهراء سدر مع تغوّل الأجهزة القمعية ومحاولات تكميم صوتها، ومنعها من ممارسة أبسط الحقوق في التعبير عن رفضها للظلم الواقع على أهلنا في الضفة الغربية.
قرأت القصة، وتذكرت ادعاءات الأمن والأمان والمؤسسات والحقوق وباقي الكلام فارغ المضمون الذي يردده فياض أثناء افتتاحه لمشاريعه الوهمية التي سقطت عند أول منعطف ليعلن أنه لا راتب وبأنه مديون "بكم مليار"، تذكرت عبّاس وهو يتنافخ زهواً بما حققه في الضفة الغربية المحتلة ازدواجياً، وتذكرت معايرة أزلامه وأتباعه الذين كلما ذكرنا جرائم الضفة تقافزوا متسائلين ماذا عن غزة.
ولأن كشف هذه الجرائم هو أول الخطوات في تعرية وفضح أكاذيب هذه الطغمة الفاسدة، وهو بداية سلسلة ستؤدي حتماً وفي يوم من الأيام لسقوط هؤلاء تحت أقدام الشعب لمحاسبتهم ومعاقبتهم عما اقترفوه ويقترفوه من جرائم، نسرد هنا قصة أخرى لعائلة فلسطينية تعيش في رخاء ونعيم وأمن وأمان عباس وفياض وباقي الطغمة.
هي عائلة من جنين يقبع رأسها أبو العبد – الوالد – في سجون الاحتلال منذ العام 2002 بمجموع سنوات سجن تجاوزت ال 15 سنة منها ما كان في سجون السلطة العتيدة ذراع الاحتلال الضاربة!
تناست أذرع الاحتلال الضاربة أن الوالد كان من أبرز القادة في مخيم جنين وخاض معركتها وأصيب بقرب القلب وبترت يده، ليقبع اليوم في العزل منذ سبع سنوات.
أما الوالدة أم العبد المصابة بالسرطان وبعد اعتقال اداري لدى الاحتلال لمدة تسعة أشهر في سجن الرملة، استلمها جهاز المخابرات قبل عام من اليوم لاستجوابها والتحقيق معها، لم يحترموا أنها امرأة ولم يراعوا أنها مريضة، ولم يشفع لها أنها زوجة أسير منذ سنوات، ولا حقيقة أن منزلها تم حرقه ثلاث مرات من قبل همج الاحتلال احداها أتت عليه بالكامل.
الابن الأكبر عبد السلام والذي كان بجوار والده في معركة مخيم جنين، وأصيب كما أصيب والده لكن كانت اصابته في العمود الفقري، فهو أيضاً لم يسلم من رخاء وأمن وأمان سلطة أوسلو وأجهزتها، فبعد سبعة أعوام قضاها في سجون الاحتلال بعد معركة مخيم جنين، تناوبت عليه كافة أجهزة القمع لسلطة عبّاس فيّاض، فاستضافته في رخائها وأمنها وبجميع أقسامها، اللهم إلا الدفاع المدني ليمضي في تلك الضيافة ثمانية أشهر!
أما عاصم وبعد اعتقال إداري لثلاث سنوات لدى الاحتلال، كان نصيبه الأمن الوقائي ليقضي فيه قرابة الشهرين، ليؤكد على سياسة الباب الدوار المعتمدة من قبل الاحتلال وأعوانه وأذرعه في سلطة أوسلو.
عماد الدين ليس بأفضل من أخيه، ذهب قبل أيام طامعاً في الحصول على "حسن السلوك" الذي وصفته الأخت لمى خاطر في مقالها بقولها: "ندرك أن الأجهزة الأمنية لا تملك حرمان الناس من ممارسة حياتهم رغم إيحائها لكل من يقع في دائرة تهديدها أنها قادرة على كتم أنفاسه وتحويل حياته إلى جحيم، ورغم أنها لا تتورع عن ابتزاز الناس بأحطّ الأساليب وتحاول تحويل قطاع كبير منهم للعمل عيوناً لها مستغلة حاجة كثيرين منهم لورقة (حسن السلوك) التي صارت مطلباً (قانونياً) لكل خطوة يتقدمها المواطن في حياته، وهو أسلوب رخيص وقذر يحاول (قوننة) القمع وتكميم الأفواه، واستغلال حاجات الناس لإخضاعهم وفرض معايير (الاحترام والسلوك الحسن) عليهم كما تقرّها حكومة فياض، والتي لا يرضيها سوى تحويل الناس إلى قطعان سائمة تنكر ذاتها وتسبح بحمد الفساد والتنسيق الأمني والتفريط".
المهم ولأن عماد الدين من عائلة سبق استضافتها لدى الأجهزة المحترمة جداً، ولأنه لم يسبق لهم أن استضافوه، فقد رحبوا به أيّما ترحيب، وبدلاً من ورقة "حسن السلوك" أبقوه لديهم معتقلاً، وتهمته أنه أراد أن يعمل سائقاً عمومياً واحتاج الورقة اياها.
الابن الأصغر، ولأنه الأصغر – والعمر قدامه والأيام الجايات أكثر من الرايحات- فكان نصيبه بضعة أيام فقط لدى جهاز الأمن الوقائي – بداية تعارف ربما.
المحامية بنان اعتقلت بدورها في مركز تحقيق الجلمة وأفرج عنها بعد أسابيع طوال!
هذه قصة ومأساة عائلة واحدة فقط من ألاف العوائل التي تقمع وتنتهك حقوقها ليل نهار باسم الرخاء الاقتصادي الفياضي والأمن والأمان العباسي، وما خفي أعظم.
قبل أيام كتبت شخصياً تحت عنوان "أما آن أواننا" متسائلاً متى ينتفض شعبنا في الضفة الغربية على الظلم والاحتلال المزدوج، واليوم تكتب السيدة لمى خاطر تناشد الجميع بفضح تلك الطغمة، وأختم بما ختمت به من رسالة للجميع لنبذ الخوف ونفض الخنوع لتقول:
"لا شك لديّ بأن فاطمة وأمثالها من الحرائر لن تنكسر فيهنّ إرادة الصمود وعنفوان التحدي، لكنني في المقابل أوجه النداء لكل مواطن تعرّض لأي شكل من أشكال التهديد بأن يبادر لفضحه وإشهاره، فما حكّ جلدك مثل ظفرك، ومن حسن حظّ المظلومين والمقموعين اليوم أن للإعلام عيوناً وآذاناً لا يقوى أي نظام أو أجهزة بوليسية على إغلاقها، فصفحات المنتديات والفيسبوك متاحة للجميع، وهي أبلغ أثراً وأوسع انتشاراً من وسائل الإعلام التقليدية التي تترصّدها الأجهزة الأمنية وتتابعها، أو تحرص على استمالتها وإلزامها بسياساتها.
وإن كانت أجهزة فتح تمتنع عن القمع العلني خشية أن تقطع آخر شعرة بين الناس وطاقتهم على الاحتمال، فإن قمعها الخفيّ في المقابل، وأساليب أجهزتها الرخيصة في ابتزاز الناس وتهديدهم بكل ما يخطر على بال المخبرين يجب أن يظل في دائرة الضوء وتحت المجاهر الإعلامية، فعهد العتمة ولّى إلى غير رجعة، ومن يريد طرق أبواب التهديد من خلف الكواليس عليه أن يسمع الجواب مدوّياً، وتحت الشمس، وعلى الملأ!"
لا نامت أعين الجبناء
0 comments:
إرسال تعليق