تغير شرائح مجتمع غزة إلى في ظل الحصار والإنقسام والأفق المسدود/ يوسف صادق

غزة
يشتركون في قطع الكهرباء ومياه غير صالحة للشرب

في ظل الحصار الذي ضرب أطنابه على كافة شرائح المجتمع الغزي، وألقى بظلاله على كافة مناحي الحياة فيها، تبدلت شرائح مجتمعه، وأنتهى عصر الثلاث طبقات الأساسية وهم الأغنياء ومحدودي الدخل والفقراء، لتصبح عمال دون عمل وموظفين مستنكفين وتجار أنفاق إغتنوا في وقت قياسي وكتّاب لا أحد يقرأ ما بين سطور كتاباتهم.

ويعتمد نحو 60 ألف عامل من سكان قطاع غزة في العمل داخل المدن الإسرائيلية، لكن الأخيرة منعت هؤلاء من دخول حاجز إيرز "بيت حانون"، مع بداية إنتفاضة الأقصى منذ نحو 10 سنوات، ليعيش هؤلاء وأسرهم جميعاً في كنف كابونة تقدمها لهم جمعيات خيرية داخل غزة شهريا، وفي أقصى طموحهم، مبلغ 100 دولار منحة كل سنة. وقال إسماعيل أبو هربيد، كان يعمل داخل الخط الأخضر "لم نكن نتوقع يوماً أن الأمور ستأخذ منحنى خطير في حياتنا". وأضاف "كنا نحصل على مبالغ جيدة جداً، ولكننا لم نحسب ولم نفكر أن إسرائيل ستمنع العمال الفلسطينيين في العمل داخل مدنها، ولهذا كنا نصرف أموالنا بشكل عادي".

ورأى أبو هربيد، الذي يسكن بلدة حدودية لقطاع غزة، أن عشرات الالاف من العمال الغزيين، أصبحوا يستعينون بالكابونة الشهرية التي تقدمها لهم جمعية خيرية. وقال للعربية نت "جميعنا صار يعتمد على الكابونة، وهي عبارة عن مواد تموينية أساسية للأسرة، لسد جزء من إحتياجاتها اليومية".

وأضاف "كل سنة تمنح حكومة غزة 100 دولار لفئة العمال، وفي أقصى الأحوال نحصل على مرتين للمائة دولار(..) هذا لا يسد حاجة أطفالنا في ظل الغلاء الفاحش، فأقل رحلة للتنزه أو الذهاب للبحر مع أطفالك، سيكلف هذا حوالي 50 دولار، بالعملة المحلية طبعا".

ويعيش 75 ألف موظف يستلمون رواتبهم من حكومة رام الله، في منازلهم، بينما يعمل نحو 35 ألف آخرين في حكومة غزة. فلا الأول سعيد ولا الثاني يمكنه مجاراة الشهر بسبب راتبه المتدني الذي لا يكفي 10 أيام من الشهر. وعنون مروان، احد المستنكفين من غزة حديثه بـ "زهقنا. وقال للعربية نت "أصبحت حياتنا روتين ممل للغاية. بل وأثر جلوسنا في المنازل على علاقتنا الإجتماعية والمنزلية، فلا الزوجة سعيدة بتواجدنا اليومي داخل المنزل، ولا يمكننا أن نعمل في عمل آخر لأن حماس تمنع تعدد الوظائف حتى لو كان مشروع خاص".

ويتمنى أحمد النجار، منقذ بحري يعمل بعقد يومي، أن يأخذ إجازة لمدة يوم على الأقل. وقال "ممنوعون من اخذ إجازة، فنحن نعمل يومياً في فصل الصيف، لنراقب المصطافين من الغرق لا سمح الله، لكن ماذا لو مرض أحدنا أو أحد أبناءه!!".

ولا يستثني شرائح المجتمع فئة تجار الأنفاق الذين وصلوا قمة الثراء في ضربات إقتصادية عاجلة، إنعكس على غزة وصار سكانها يشاهدون سيارات فارهة تسير في شوارعها. ويبقى المثقفون من غزة والكُتّاب، يكتبون كل شاردة وواردة، علّ أحدٍ من القادة يقرأ ويعالج المواقف اليومية أو السياسية أو يأخذ بعين الإعتبار فكر هذه الشريحة.

مفارقات غزية يومية تصب في إتجاهات مزاجية للسكان، فلا مصالحة ملموسة في الأفق سوى غض حماس النظر عن رفع رايات حركة فتح فوق منازل السكان، وحصار لا زالت نتائجه تحصد الكثير والكثير من مناحي حياة سكان غزة. لكن القاسم المشترك بين الناس هنا هو قطع الكهرباء اليومي لمدة 8 ساعات عن كل منزل، حتى لو كان من دافعي فاتورة الإشتراك، فضلا عن شربهم جميعا لمياه تجاوزت ملوحتها كل النسب والمقاييس الدولية.

يقول أبو حسن، رجل مسن كان يجلس بجانب منزله وينفث دخان سيجارته بتأفف "هذا هو حالنا في غزة، وكأننا في سجن نعيش فكل شيء هنا له ثمنه، حتى مياه الشرب والكهرباء أو التنقل للعالم أو تعليم أولادنا في الجامعات أو البحث عن وظيفة، كلها تنجز بشق الأنفس، في حال أنجزت أصلاً".

CONVERSATION

0 comments: