الحكمة والغوغاء/ أسعد البصري

يا بني : إن من الكلام ما هو أشد من الحجر
و أمر من الصبر ، و أحر من الجمر
و إن القلوب مزارع فازرع فيها طيب الكلام
فإن لم ينبت كله نبت بعضه
لقمان الحكيم
أرستقراطية المعرفة هي قضية أصيلة لدى المفكرين
من أبي العلاء إلى الجاحظ إلى المتنبي إلى التوحيدي
الذي كتب في الإمتاع والمؤانسة
(( إن التصدي للعامة خلوقة
و طلب الرفعة بينهم ضعة
وما تعرض لهم أحد إلا أعطاهم
من نفسه و علمه و عقله و لوثته و نفاقه و ريائه
أكثر مما يأخذ منهم
من إجلالهم و قبولهم و عطائهم و بذلهم ))
علي بن أبي طالب أول مثقف انتقد الغوغاء
بقوله إن أكثر الناس همج رعاع ينعقون مع كل ناعق
وإنه لا يزيده قربهم منه ألفة ، ولا بعدهم وحشة
وهذا يؤكد اغتراب المثقف
أما المتنبي فيصف من يتساوى عنده الناس كالأعمى
الذي يتساوى عنده النور والظلام
وفي أدب الغربيين يُعتبر الفيلسوف شبنجلر
أول من حارب الديمقراطية لأنها تساوي العالم بالغوغائي
بل بلغ غلوّه درجة نفي صفة الوجود عن العامّة
وكذلك الفيلسوف نيتشيه فقد قال :
الغوغاء لم يولدوا ليموتوا
في الحقيقة الغوغائي يفضح نفسه حين يفتح فمه
كما قال عليّ بن أبي طالب
( المرء مخبوءٌ تحت طيّ لسانه )
لأن مستوى لغته هو عينه مستوى عقله
والغوغائي يرث أفكاره من أسرته وبيئته
ثم يدافع عنها بعصبية قبلية قطيعية غريزية
لهذا كلامه لا إبداع ولا مفاجأة فيه
وسمعتُ أن الفقهاء العظام
في الأزهر و في النجف الأشرف
يخاطبون بعضهم بخطابات
غير التي يكشفونها للعامة

CONVERSATION

0 comments: