بين ليلة وضحاها اهتز الشرق الاوسط ليُغير ملامحه كاملة وكأن هزة أرضية بدرجة عالية من القوة تصيب الشعوب وتحركها، وبرغم كثرة التحذيرات والاشارات لوقوع مثل هذه الهزات العنيفة في بلداننا العربية إلا انه لم يتم تأمين مخرج طوارئ واحد في أي من دول الشرق الاوسط، الاكيد أن هذا امر مؤسف فتداعياته المستقبلية لن تكون كما تراها الشعوب مستقبل منير ومزهر ولا يشوبه الفساد والدكتاتورية، لن تكون الحرية المبتغاة بحجم الخسائر البشرية والمادية لا بل الاثرية المفقودة، فمن اين ستخرج هذه الشعوب وإلى ماذا ستؤول هل ستخرج من تحت الدلف إلى تحت المزراب؟؟ وفق ما رسم لهذا الشرق الجديد من صورة في ذاكرة الدول السالبة والتي تسمي نفسها العظمى؟.
نبدأ، بدأت الهزة من أرض تونس الخضراء عندما حرق محمد بو عزيز نفسه ثائرا على الجور والفساد والبطالة، على كتم بل كبت الحريات، اراد هذا الشاب ان يوصل رسالة بروحه وجسده الى حكومة غضت نظرها عما تحتاج فئة كبيرة من الشعب، رأت ان المدخرات والممتلكات حق رئاسي ولمن يواليها، ففقدت العدالة، وحقا وصلت رسالة هذا الشاب كما ينبغي الى شعبه الحر وبرغم الخسائر والمعاناة التي عاناها ويعانيها وسيعانيها الشعب الا ان النظام المسمى بالجائر تغير، لكن ما المخرج الان؟ وهل للشعب بديل جاهز ليتولى ادارة الدولة؟ فقد يرى البعض ان ادارة الشعب لنفسه أمر جميل، لكن جماله يكمن في وقته القصير والقصير جدا، فماذا عن الغد؟ وان كانت الانتخابات هي التي ستخرج تونس من مأزقها فمن سيكون؟ وما شروط وجوده اصلا؟ هل سيكون رجل كما اراد الشعب ام كما تريد امريكا وغيرها من الدول، وان كان الخيار الثاني فهذه الطامة على تونس، وسيكون جهدها كمن حفر الصخر وزرعه هلُكت يداه فمات جوعا فالصخر الاجرد لا ينتج نبتاً.
فلسطين:- وأيضا اهتزت بما سربته الجزيرة من وثائق تقول انها حقيقية وصادقة وتبين اسرار المفاوضات، فلو نظرنا الى ما عرض من هذه الوثائق لا نجد الجديد، فنحن شعب فلسطين بل العالم باجمعه يعلم أن هناك تفاوض مباشر حينا وغير مباشر احيانا بين السلطة الفلسطينية وبين الاحتلال، فما الغريب ولما هذه الوثائق هل يراد بها قائمة تقوم على ارض فلسطين؟ ان كان هذا فنحن شعب دماؤه تراق ليل نهار وبات يهزه اللون الاحمر فان سعد به فقط ليكون شهيدا من اجل ارض ووطن سليب لا من اجل مدونة اجتماع او ما شابه فقدسية فلسطين اعظم من هذا.
فاليوم الاول تتحدث قناة الجزيرة عن ملف القدس، وليس بخافي على أحد ان الاستيطان التهم هذه العاصمة الفلسطينية وما بقي منها إلا الاحياء القديمة والتي لم تسلم ايضا من ظلم الاحتلال والمصادرة لبعض بيوتها، يقال ان احياءاَ كاملة ابدى المفاوض الفلسطيني استعداده للتنازل عنها، وفي المحادثات يقال ما لا يقال وما هي الا احاديث بعيدة كل البعد عن الاتفاقيات الموقعة، ثم وان كان ما عرض خالص الصحة فمن يستطيع بيع بيتك وهو باسمك وأنت ساكنه؟، هذا ابدا لم يحدث ولن يحدث، ويبقى الخطر هو ظلم الاحتلال ومصادرته لما يملك الفلسطيني، ومن رد ظالم عن ظلمه إلا ربه وخاصة في ظل تفاوت الامكانيات؟!!.
يأتي الملف الثاني والمتحدث عن ملف اللاجئين، وايضا ما نشر لم يكن الا أحاديث متبادلة بين متفاوضين والواضح بل الاكيد ان لا اتفاق بل هي اوراق عمل ومحاضر اجتماعات لا تساوي بقيمتها شيء ما دامت قوبلت بالرفض ولم تصل الى نقطة التقاء واتفاق موقع، ثم ان قضية فلسطين برمتها وثقلها العالمي تُجسد بقضية اللاجئين وقضية حق عودتهم المشروع والمقدس كل إلى أرضه لا بل إلى مكانه الذي امتلكه حقا او إرثا، وابدا ما سمعنا ان احد يبيع بيت جاره او صديقه او حتى اخاه وان كان ميتا، فالقانون يجب هذا اصلا ويلغيه، وحين يكون التفاوض والنقاش بين طرفين اي كانوا واي كان لونهم لا بد وان هناك عروض من كل منهم حينا تستحق النظر واحيانا لا، والا لما سميت محادثات او مفاوضات.
ثم الملف الثالث: التنسيق الامني، نعم هناك تنسيق امني ولا احد يستطيع ان ينكره، لكن اي تنسيق انه تنسيق المعابر تنسيق العمل اي الدخول والخروج للفلسطيني الى الارض التي احتلت عام 48 ، ولن نقول دخول اليهودي الى اراضي السلطة الفلسطينية لانها باختصار ما زالت ترزخ تحت الاحتلال ولا مانع لدخولهم الا الله، فنحن على ارضنا ما وصلنا مرحلة الدولة ذات الحدود والسيادة، ثم ان كان دخول الفلسطيني الى ارض 48 هو عار فكيف سيعمل العامل وكيف سيمر احيانا المريض ليتلقى علاجه، لا بل كيف سيدخل مصلي واحد الى القدس الشريف هل هو بالبرشوت ام من تحت الارض، وهنا نقول عل الله يمن علينا بعودة ارضنا وحريتها فنكون بغنى عن هذا.
الحرب على غزة هاشم هو الملف الرابع: غزة العظيمة عانت الويلات بحرب اسرائيل عليها وما زالت تعاني من الاغلاقات والتهديدات والقتل وغيرها من القيود المفروضة عليها، يقال فيما نشر ان السلطة تعلم بالحرب على غزة، الجواب الاطرش والاعمى والاخرس كان يعي ان اسرائيل تكيد لغزة وستشن عليها حرب ولم يكن بالامر الخفي من قبلهم بل كان امرا معلنا، صمد اهل غزة وسجلوا لنفسهم مزيدا من العزة؟ لكن هل بامكان اي فلسطيني اي كان مكانه وموقعه ومنصبه وقدرته ان يرد ظلم الاحتلال ومكيدته؟!! .
نهاية لاهل غزة مزيدا من الصبر وللسلطة مزيدا منه أيضا فدائما فلسطين مستهدفة بكل اطيافها والوانها بكل ارضها، ولا احد بمنأى عن الاستهداف ولا بمأمن منه، ليس دفاعا عن احد في كل ما عرض لم نجد للرئيس ذكر الا في موقف واحد"" لن اعود الى غزة على دبابة اسرائيلية"" الموقف يتحدث عن نفسه وليس بحاجة الى الشرح، وهنا نقول ومنذ ان احتلت فلسطين وتوالت عليها الاحداث وتوالت محاولات ابرام السلام بين الظالم والمظلوم لم نسمع ولن نسمع عن شريك سلام اسرائيلي واحد، لذا كان الاصح ان يكشف المستور بهذه الطريقة "" السلام له اسس وفق رؤيا الفلسطيني كل فلسطيني تقول: سلام بقدس وبعودة ابناء فلسطين إلى أرضهم، وبوقف زحف الاستيطان، وبمزيدا من حرية الحركة وفتح المعابر على غزة والضفة، وهذا حلم كل فلسطيني ان لم يتحقق فلا مفاوضات ويبقى حلم السلام""، وحلم الوحدة أحلام وردية لشقي فلسطين فغزة للضفة والضفة لغزة ولا بد من وفاق واتفاق بين الأشقاء.
ناتي الآن إلى الهزة الأعنف والأكبر ألا وهي ثورة وهزة ومصيبة مصر، نراها من الخارج تحول وتغير ومطالب مشروعة ونعم هي مشروعة، لكن المتابع يرى ان هناك ما بات يشوب هذه الثورة، ليعلم انها ستحمل في ثناياها ويلات كبيرة، ليس في هذا اسف على نظام او حكم، بل على ارث ومتاحف ومدخرات وبنوك ومؤسسات كان الاصح ان تبقى لاهل مصر، فالخروج عن نص وادبيات الثورات بات ينجلي للمتابع مس بأمن البلد ومس ببنات البلد ومس بالاموال وبالاثار والمتاحف انتهاك للمشافي والمؤسسات العامة، الظلم او الحرمان والكبت ايضا لا بل الجوع معها لا يلغي ان يحافظ ابن البلد على بلده غير مبتعد عن سبيل تحقيق مطالبه قيد انملة، شعب اراد ان يثور على الفقر والجوع حقه هذا، شعب أراد أن يعبر أيضا عن حقه، شعب أراد ان يوصل كلمته لرئيسه قائلا انظر الينا ولما نعاني انظر للغلاء وكيف نبيت بالعراء انظر من امنك الهراء انظر وغيٍر ما حل بنا من بلاء او ارحل،، أيضا من حقه، أن تتحرر السجون من ساكنيها المظاليم حق لا جدال فيه وان كان بعض الفارين من الجناة، وأمنياتنا لهم بالحياة الكريمة لكن بقي سؤال عليهم ان يحضروا لاجابته وهم على ما هم عليه من ثورة، من هم البدائل وأين تربوا ومن سيضعهم، فالدماء والارواح التي تزهق سواء من الشعب او من الامن ليست بالرخيصة فهذا وذاك ابناء مصر وكل يعاني ما يعانيه الآخر.
السودان: على طريق التقسيم والتدمير، والعبث العشوائي والمبرمج بها وبما تمتلك.
العراق: بوابة الشرق المشرعة على مصراعيها، ومنها العبرة واليها تئول، ثار أهلها على نظام الشهيد صدام حسين، فكانت حرية الشعب وفق أماني المتسلقين، حرية بأدنى تعبير تعبر عن احتلال وخراب وبؤس وخيبة أمل حلت بالشعب بأكمله.
رحم الله الامة العربية والشرق الاوسط الذي يسير بخطى رحمانية او شيطانية الى تغيير ملامحه من الشرق الاوسط الى الشرق الاوسط الجديد بوجهه، فلا يمكن حتى لكاهن ان يعلم ملامحه في الغد وعلها تكون لمسات الرحمن وتغييراته هي الحادثة ناصرة الشعوب ورافعة اياها لترقي حياتها بحياة الشعوب الاخرى المتمتعة بالحرية والحياة الكريمة، نتمنى الا تكون لدول متربصة لمسات تفقد صاحب الحق حقه وتستمتع بثورة الشعوب وارباك الحكومات لتحصد ربحا تدرسة وتتدارسه وايضا على حساب الشعوب.
مديرة مركز شعب السلام للابحاث والدراسات واستطلاعات الرأي
جنين-فلسطين
0 comments:
إرسال تعليق