سلامي لكِ من القلبِ
يا بغدادُ ويا بيروتْ
فهناك على مشارفِ البحر
عناقيد العنب المُخمر
ونبيذاً من توت
ملئَ الغـُزاة ُ جـِرَارَهـُمْ من عِـطركِ
وأوغلوا في عواصف الصحراء
ليزرعوا عِـطركِ أشجاراً في الرمال
ويبيعـوا صوت زرياب
ويسجلوا على موسيقى النهوند
صوت آهاتي
وصوت حوافر خيول التتار والمغول
أرضنا كالعذراء البتول
ترفض التجدد وتحمي الأدب
وتأبى أن تدوسها أقدام
إلا خيول العرب . . .
فسلامي لكِ يا بغدادُ ويا بيروتْ
منذ ألفي عام
ودعتكِ يا بابل ويا كربلاء
ووقفت على طيب النوايا أحارب
وقلت رُفع عن أهلي البلاء
فمات الجند على مداخِـلِكِ يا كربلاء
وزاد الجفاء . . .
وشهدتُ من موت الأحبة
على أبواب السماء
وأنا أسافرُ في طيبِ النوايا
ولم أصل . . .
منذ أكثر من ألفي عام
في كل دروب الحب مقت وقهر وازدراء
فكيف أعود إلى البيت العتيق للقاء
وجند المغول
سدوا دروبي وأحرقوا أبوابي
كيف سبيلُ الليل ِ
وأصدقاءُ الليل ِ ماتوا
ماتَ كلُّ الأصدقاء
واحتلَ جُـند هولاكو ممالكي
واحرقوا قلبي وأشعلوا دمائي
لتضيع آثاري
شيدوا بيننا ممالكَ الحزن ِ
وزرعوا الويلَ ومنعوا هواكِ
ولكن ما في وطني اليوم
أصعب من ذاكَ الزمان
أمة ترفض القصيدة
وتحرقُ الكتاب
وكأنهم وضعوا على فكري وعقلي
ألف حجابٍ للسم ِ
وأيقونة ٌ للبُعدِ
وباشروا يقطعون لساني
هنا يطاردونني
وهناك يحرقون أوصالي
وعلى الكرمل يمحون كلماتي
كيف لهم أن يحرقوا تمر العراق
ويسقطوا مُدُنَ الثقافةِ
ويبنوا مدائنَ المُلح ِ
في مداخل الشرق وكل باب
لا يقلقهم سفك الدماء في الشراب
وشرقنا بالفكر عـَلماً للنـُّجَـباء
من أمَّتِـنا أوقفوا في بابي
مئة جلاد . . .
ليكتموا أنفاسي
ويحرقوا الكتاب
وكل ما لنا في الحديث المستطاب
هذي مدن المُلح في أول وسميٍّ تـُذاب
وتتغلغل في الأرض حضارة الأجداد
ولا يبقى من ثقافة الشرق
سوى القهر والعذاب . . .
وألفُ عباءة في كلٍّ يوم ٍ
تـُباعُ وتـُشـْـتـَرى . . .
وعلى الكرمل سأبني مدائن الصخر
من فكر صواب.
* * * * *
نـُــريد عربياً آخر
ماذا يبقى بعد اليأس
وقد تَخاذل الشرق
وقـُـتِلت بالعُنـْفِ الأفكار
نحنُ بشرٌ بُسَطاء
نَعيشُ ولا نأبه لكلِّ أحداث الأعْمار
نحن نريد والله (عز وجل) يريد
لكننا وبرضائنا أصبحنا بُؤساء
نـُـريدُ عربياً آخر يكتـُبُ حرفاً
يقرأ لغة
ويدون تاريخ الأجداد . . .
نـُـريد عربياً يصنع قمراً
يطير من دون جناح
يُربي أماً تكتب جيلاً
لكلِّ تاريخ الأمجاد . . .
وينحت في السماء
قوس قزح في كل الألوان
ويحرث بسنابكِ روحه
رمل الصحراء
ويزرع في الصخر
أشجار الزيتون
كي تـُـطعم أحفاد الأحفاد . . .
ويُرَبِي مجتمعاً صالحاً
يروي الفرح من دمْع ِ عينيه
ويُضْحِكَ مِلئَ القلب
ألائكَ الأطفال الجياع
نـُـريد عربياً يُفكـِّرُ ويَبحثُ
في كتب الفلسفة
وتاريخ الأمجاد
ولا يُضَيِّع ما نكتب
في إبداع الزمان
نـُـريد عربياً يُفَكـِّرُ
ويقود العالم بالعدل ِ
إلى آخر المطاف . . .
نـُـريد عربياً يصرخ بالحقِّ
ويبعد عن الخُرافات
ويبحث بالفكر والعقل والقلم
ويَشُقُّ ظلام الليل
بسيوف الشجعان . . .
ويُشعلُ نوراً في كلِّ الكون ِ
من دون عيدان
يرفع قلماً يرفع علماً
يمحي ظلماً . . .
ويتقرب من عدل الرحمن
نريد عربياً صبوراً طموحاً
يضرب في الأرض ناقوس الأفراح
ويتبرأ من الجهل المباح
يصوغ عادات التقليد
بأسمى العادات . . .
ويتنكر ويشجب تقليد الإساءات . . .
نـُـريد عربياً آخر
عربياً طيباً
يَصِلُ طـُـموحهُ إلى ما بعد الشمس
وأبعد من حدود السماء . . .
* * * * *
شُرْفة ٌ تـُطِلُ على البَحْر
شُرْفة ٌ تـُطِلُ على البَحْر
وكأن البَحْرَ بَابُ السَّـماءْ
وَعَـكـَّا تـُغازلُ الكرمل
كي يُـسْمَعَ الدُّعاءْ . . .
عكا التـِّي ما مَرَّتْ فـَوْقَ أسْوارها
خـُيولُ الغرباءْ . . .
وعادوا من حيثُ أتـَوْ
وَمَا تمَّ اللـِّقـَاءْ . . .
وَخـَط َّ الزَّمَنُ حُـروفَ التاريخ
الذي كـُتِبَ بدِمَاءِ الأبْريَاءْ
مَجـْدٌ عريقٌ نبْحثُ عـَنـْهُ
لكنهُ مَات على دٌرُوبِ الأصْدِقاءْ
مِنـْهُمْ مَنْ فـَرَّ هـَارباً
وَمِنـْهُمْ مَنْ تـَرَكَ السِّلاحَ وَلاذ َ للأوْفِيَاءْ
وَجـُنـْدٌ ما عَـرفـُوا . . .
وُجـُوهُ الفقراءْ
وَلا أطالـُوا الحَـديثَ مَعَ الأصْدِقاءْ
فـَكـَانَ المَوْتُ أقربُ
مِنْ لـَمْسَةِ الأحِـبَاءْ
وَرَعْـشَة ُ القـَلـْبُ المـُفـَدَّى
الذِي مَا عَـرفَ الهَـنـَاءْ . . .
* * *
غازلت عـكـا الكرمل
ومياه البحر تشهد ذاك الفداء
فكان للكرمل رفاق من بهاء
وفـُتِحَ باب السماء للدعاء
فوقف على الطرقات
جند السلطان
جند آل – عثمان
وقطعوا السبيل للدعاء وحل البلاء
قطعوا الطريق للسماءْ . . .
وأقاموا في الأرض كرماً
على حساب الفقراء . . .
وآلموا في حكمهم قسوة
كل وجوه الضعفاءْ . . .
شيدوا البنايات
وأقاموا الأسوار
حفروا في كهوف الأجداد
وأطالوا البقاءْ . . .
نشروا في أرضنا ظلماً
وفساداً لا يطاق . . .
قتلوا في دفاعهم الأقرباء
وأعدموا بحبالهم
شيوخاً أجلاءْ . . .
فما عمروا حتى جاءهم منذ قرن
من أذاقهم الهزيمة والانكسار . . .
* * * * *
صور جبريل
حبيبي لا تسافر . . .
فكل شيء فيكَ أحببت
يهوديا ً كنت أم بوذيا ً
أم بالإسلام نطقت
درزيا ً تقمصت . . .
أم المسيحية اعتنقت
أنا أعبدكَ . . .
ومن معبدي أرسل إليكَ
قصائد عشق
بدمي أخط الحروف
للأبد لا تنتهي وإن انتهيت
للأفق النائي ترنو عيني
لوهج الأصيل . . .
نتأرجح بحبال النور وصور جبريل
لا تسافر وحدكَ . . .
فالمجوس احتل الأرض
والإقطاع ملته الدهور ومنه مللت
خذني للنور معك . . .
ولا تسلمني لقهر وسخط
خذني حبيبي للحظات الميلاد وحدثني . . .
ففي الأمس عن الديانات كنت
قد همست . . .
خذني حبيبي . . . متعني بين الأوطان
حدثني أرسمني في كل مكان
وأعدني إلى هنا . . .
أسكنكَ بنفسي أيا وطني
تحميني أنتَ من هواجس الزمان
وصور جبريل . . . تترنم في معبدي
بين الجدران
بدمي أخط حروف الكلمات الأبدية
لا تنتهي وإن انتهيت .
* * * * *
0 comments:
إرسال تعليق