المطلوب اليوم من جميع السياديين والأحرار في لبنان الأم، وبلاد الاغتراب، وتحديداً، قادة 14 آذار كافة المترددين والخائفين والمرتبكين أن يقولوا لأنفسهم وللناس وبصوت عال آلاف المرات كفانا تقية وذمية وتجابن، وكفانا خيانة لدماء الشهداء، وكفانا مساومات على أهداف ثورة الأرز النبيلة والعابرة للطوائف، وكفانا نفاقاً ولعباً على الحبال، وكفانا خطاباً وثقافة ومقاربات للأحداث والتاريخ تجافي الحقائق وتزورها.
هؤلاء القادة المتعثرين والغارقين في أوحال أنانيتهم الفاقعة، والمُغلّبين مصالحهم الخاصة على مصالح الوطن، والذين منذ العام 2005 يخرجون من حفرة ليقعوا في أخرى، عليهم جميعاً أن يكرروا آلاف المرات أفعال التوبة والندامة العلنية ليقتلوا في دواخلهم ما علق فيها وعليها وترسخ وعشعش في زواياها من موبؤات حقبة الاحتلال السوري الغاشمة من مفردات بالية، وببغائيات مملة، وحربائيات معيبة، ورزم، ورزم من قلة الإيمان وخور الرجاء. على هؤلاء القادة جميعاً ومعهم المواطن الغنمي "والمصلجي" أن يصححوا الخطاب والمسار والنبرة، ويخافوا ويتقوا الله، ويتوقفوا فوراً عن الاستهزاء بكرامة، وذكاء ووطنية ولقمة عيش وأمن وسلام المواطن اللبناني.
بداية وقبل قيامهم بأي خطوة في هذا المسار التصحيحي للذنوب والأخطاء والخطايا وخداع الذات والآخرين، عليهم أولاً أن يجاهروا بالحقيقة الساطعة كالشمس التي عمادها وأساسها يؤكدان بما لا يقبل الشك أن حزب الله لم يحرر الجنوب عام 2000 كما يرددون كالببغاوات والصنوج والطبول بمناسبة وغير مناسبة على خلفية الجبن والذمية.
يجترون باستمرار مقولة الخداع التي عنوانها "أن حزب الله حرر الجنوب"، وأن هذا التنظيم الإيراني والإرهابي هو مقاومة، في حين أنهم أول من يدرك أنهم منافقون وذميون وجبناء بامتياز لأن حزب الله في الواقع المعاش لم يحرر الجنوب ولا هو أطلق رصاصة واحدة على الجيش الإسرائيلي خلال انسحابه من الشريط الحدودي عام 2000.
العالم بأسره يعلم أن الإسرائيلي انسحب من الجنوب عام 2000 لأسباب داخلية بحتة وبشكل أحادي لأن سوريا البعث والأسد والدكتاتورية التي كانت تحتل لبنان وتتحكم بقراره وبحركة رقاب حكامه وأحزابه وبنفوذ كامل لدى غالبية مرجعياته الزمنية والسياسة رفضت إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب واخترعت كذبة مزارع شبعا لتبرر بقاء احتلالها لوطن الأرز، ولتبرر أيضاً استمرار حزب إيران الإرهابي مسلحاً.
الحقيقة هي أن حزب الله مجموعة من الإرهابيين التابعين للنظامين الإيراني والبعثي السوري كانت جمعتهم إيران بالتآمر مع حاكم النظام السوري، الأسد الأب في العام 1982 تحت مسمى "حزب الله". وهذا الحزب لم يكن في أي يوم من الأيام لا لبناني ولا مقاومة ولا ممانعة ولا تحريري ولا عربي، ولا يمت لله بأي صلة، بل جيش إيراني وأداة إيرانية عسكرية تعمل في خدمة أطماع ومؤامرات ومشاريع ملالي إيران التوسعية والإحتلالية الهادفة إلى تفكيك وإسقاط كل الأنظمة العربية، وأيضاً إسقاط النظام اللبناني لإقامة الإمبراطورية الفارسية على أنقاضها.
نعم هذه هي الحقيقة المفترض اليوم أن تقال، وتقال، وتقال، دون تردد أو مساومات ومسايرات. وما لم تجاهر بها كل قيادات 14 آذار، وفي مقدمهم تيار المستقبل، فإن فجور هؤلاء الإرهابيين من مكونات محور الشر الإيراني-السوري سوف يزداد وتعدياتهم على كل الأحرار في وطن الأرز وكل البلاد العربية لن تتوقف. المطلوب اليوم تسمية الأشياء بأسمائها وتسمية حزب الله الإرهاب باسمه الحقيقي والواقعي الذي هو "الجيش الإيراني الذي يحتل لبنان"، والذي حوله إلى معسكر إيراني وساحة لحروب وإرهاب الملالي.
أما الخطوة الثانية والمهمة جداً والمطلوبة من قيادات 14 آذار وكل السياديين فهي ضرورة إقفال لبنان الساحة وصندوق البريد والاعتراف بإسرائيل كما فعلت كل الدول العربية مباشرة أو مواربة، أو أقله مؤقتاً التقيد بدقة باتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان ودولة إسرائيل في عام 1949 والتي جاء ذكرها بوضوح في اتفاقية الطائف وفي كل القرارات الدولية الخاصة بلبنان بما فيها 1559 و1701. علينا كلبنانيين ومن كل الشرائح أن نتوقف عن الكذب والنفاق المقاوماتي والتحريري والممانعاتي وأن نرذل كل القيادات الزمنية والروحية التي تتاجر بهذه البضاعة البالية. في الخلاصة حزب الله سرطان واحتلال ومن الواجب التعامل معه على أساس حقيقته هذه، وبالتالي كل متعامل معه ومؤيد له وعامل بأمرته هو معتدي على لبنان وأهله، وهو متطاول بكفر وجحود على الهوية والكيان والتاريخ ودم الشهداء، ونقطة على السطر.
أما تمثيلية الاعتداء المجرمة على المشايخ السنة الأربعة بتاريخ 18 من الجاري فهي برأينا التحليلي من تأليف وتخطيط وسيناريو وحوار وتنفيذ حزب الله وباقي مكونات محور الشر السوري-الإيراني في لبنان، وكل كلام في غير هذا الاتجاه هو مجافي للحقائق وتزويراً فاضحاً لها. الهدف من الجريمة وكما بينت الأحداث برأينا التحليلي هو تعويم المفتي قباني الذي راح مؤخراً يغرد خارج سربه، وضرب كل قوى الاعتدال السنية عموماً، وتحديداً تيار المستقبل، والتسويق للمذهبيين والأصوليين وللنافخين في أبواق الفتنة الذين هم وكما هو حال ميشال عون، الوجه الأخر لحزب الله.
إن كل من تابع الأحداث بعقل منفتح وتجرد خلال الأيام القليلة الماضية لا بد وأن تكون الصورة المخيفة والعدائية هذه قد توضحت له من خلال التركيز الإعلامي الفاقع واللافت والمبالغ فيه على الشيخ الأسير والشيخ عمر بكري والشيح الشهال وغيرهم من المشايخ الذين يتكلمون نفس خطاب حزب الله، علماًُ أن الحزب تربطه بالعديد منهم علاقات وثيقة. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الحزب كان كلف أحد أبرز القادة في صفوفه النائب الساحلي مهمة الدفاع عن الشيخ بكري وإخراجه من المحكمة العسكرية خلافاً لكل القوانين والأعراف، وتطول القائمة، وتطول!!
قيل بأن المعتدين على المشايخ هم من الحشاشين و"الزعران"، وما لم يقال هو أن هؤلاء هم عناصر تابعة مباشرة "لسرايا المقاومة" التي تعمل تحت مظلة حزب الله وباحتضان كامل منه، وهي فرق مسلحة ميليشياوية مدربة تُدَّفع لأفرادها معاشات شهرية ويستعمل الحزب هذه المجموعات في غزواته وتعدياته والإرتكابات في الداخل كما كان الحال خلال غزوتي بيروت الجبل. هذا وكان عنصر من هذه المجموعات حاول حرق محطة تلفزيون الجديد فحماه الحزب ومنع التحقيق معه وأخرجه من السجن دون حتى قصاص مخفف بعدما كان تعثر هذا "الأزعر" خلال عملية الحرق وتم القبض عليه.
هذه الأعمال الإرهابية كلها الحالية والسابقة والتي يخطط لها مستقبلاً ومن ضمنها مؤامرة سماحة-المملوك تخدم 100% التطرف والأصولية والمذهبية وتضرب المعتدلين السنة وتيار المستقبل. من هنا فإن الاعتداء على الشيوخ وحلق ذقن أحدهم هو عمل مخطط له ومنظم وأهدافه مفضوحة. فها هم كل الأصوليين المرتبط معظمهم بحزب الله والمخابرات السورية المتواجدين في بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع والمخيمات الفلسطينية، ها هم يتصدرون الأخبار وتعج بهم الساحات ويلقون الخطابات التعبوية ويسعرون التعصب ويصورن عن سابق تصور وتصميم أن الطائفة السنية مهانة.
وها هو المفتي قباني الذي كان محشوراً ومطلوباً منه الاستقالة يعود عودة الفاتحين إلى الواجهة موجهاً الاتهامات لمن أراد برأيه إسقاطه من المعتدلين والسياديين والضنينين على القوانين، يعود مترئساً وخطيباً ومفاوضاً. كل هذه الممارسات والأحداث تخدم برأينا التحليلي مباشرة أو مواربة مشروع حزب الله والتعصب والمذهبية والأهم تضرب تيار المستقبل الذي يمثل الاعتدال السني في لبنان والحامل بفخر وشجاعة وعن قناعة شعار لبنان أولاً.
من هنا فإن مخطط مشروع محور الشر الجهنمي أمسى واضحاً حتى للأطفال وللعميان وهو يهدف إلى تفكيك الدولة اللبنانية ومؤسساتها وتفريغها وتعميم حالات الفوضى والفقر والإجرام والخطف والتهريب والإرهاب والخوف وفلتان الحدود وتسعير روح الطائفية والمذهبية. الهدف واضح وجلي وهو إسقاط كل شيء قائم ليتمكن حزب الله من إكمال سيطرته على كل لبنان، فيسقط نظامه ويقيم مكانه دولة ولاية الفقيه. نفس الأسلوب الجهنمي والتفكيكي والتفتيتي والتفريغي الممنهج هذا نفذه محور الشر في إيران واستولى من خلاله على الحكم فيها.
في الخلاصة نرى أن المفتي قباني هو المستفيد الأول من جريمة الاعتداء على الشيوخ الأربعة، وهي جريمة من تأليف وإنتاج وإخراج وعرض حزب الله الذي يحتل لبنان ويشارك نظام الأسد في قتل أطفال وأحرار الشعب السوري الثائرين من أجل حرية وكرامة وطنهم. من المهم في مكان أن لا يتعامى أحد من اللبنانيين السياديين عن أهداف هذه الجريمة وأن لا يبرأ محور الشر منها لأي سبب كان. يبقى أن الخاسر الأكبر من الجريمة هو تيار المستقبل الذي يجسد الاعتدال السني ومعه كل لبناني سيادي يؤمن بالدولة والقانون والمساواة، ويقف ضد مشروع محور الشر الإيراني-السوري.
0 comments:
إرسال تعليق