اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعها الأخير دعت إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في مدة لا تتجاوز شهر أيلول المقبل، ومن الواضح أن الرد جاء سريعا من قبل حركة حماس برفض الانتخابات جملة وتفصيلا واتهمت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بأنها لا تمتلك أية شرعية.. أما السيد عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية دعا حماس لإعادة النظر في موقفها من الانتخابات التشريعية والرئاسية، وقال: لنتوجه إلى صندوق الاقتراع وليكن الحكم بين فتح وحماس لإنهاء الانقسام السياسي، وأضاف أن اللجوء إلى الانتخابات جاء من منطلق غياب الوسيط المصري للمصالحة الفلسطينية..
عندما سمعت وشاهدت حديث الأخ عزام على الشاشة شعرت بأنه كان يستجدي من حماس الموافقة على الانتخابات، ولو أنه قال: بأن الانتخابات يمكن أن تجرى حتى في غزة كما أجرتها حركة فتح في السابق بطرق مختلفة مثل التليفون والإنترنت.. إنه من المخجل يا سيد عزام انتظار الموافقة من حزب أو تنظيم مهما كانت قوته، لأن الانتخابات حق دستوري للمواطن الفلسطيني وليست حقا لأي حزب أو تنظيم بأن يفتي فيها، وكان الأجدر بكم عدم انتظار الوسيط المصري أو أي وسيط آخر لتنظيم هذا الشأن قبلت حماس أم لم تقبل؟؟ وكان يمكن فضح زيفها من خلال نتائج الانتخابات ومشاركة الناس فيها، ونعتقد أن التكنولوجيا الحديثة وفرت كل ذلك بتقنية عالية وبدون تزييف أو تزوير يذكر.. ويمكن أن نطلب من أصدقائنا أو من الأمم المتحدة أن تشرف على هذه الانتخابات وعلى حماس وغيرها.. والمجتمع الدولي القبول بنتائجها هذا هو المنطق وحكمة العقل دون وساطة من أحد ودون تأجيل وتسويف..
لكن علينا أن نسأل أنفسنا أولا ونحن نشهد تغييرا وثورات عارمة تطالب بتغيير الدساتير والأنظمة العربية، هل يمكن أن نمارس الديمقراطية الحرة والشريفة والنظيفة ؟؟ في ظل قوى سياسية تتخذ من الفكر الديني الوهابي منهاجا ودستورا لا يتلاءم وحاجات شعبنا ؟ إنها تريد الديمقراطية لمرة واحدة كي تصل إلى الحكم وبعدها تفرض نظاما على مقاسها بالقوة كما حصل في غزة؟؟ إن الديمقراطية والإسلاموية لا يلتقيان، كما أن الديمقراطية جاءت كبديل أو نقيض لسيطرة الكنيسة قرونا طويلة على المجتمعات الأوربية، ودفعت تلك المجتمعات دما غزيرا في تخلصها من هيمنة الكنيسة وسيطرتها على مقدرات الشعوب.. إن دساتير العالم الديمقراطية لم ولن تقبل بوجود أحزابا سياسية ذات توجه ديني.. والسبب في ذلك واضحا وجليا حيث أن أحزابا كهذه سوف تستغل فطرة الناس و(الربانيات) لصالح حملاتها الانتخابية والديماغوجية، ولعل مجتمعاتنا العربية مهيأة لذلك تماما والعقلية العربية هي دينية بالفطرة والوراثة...! كذلك سوف تستغل أماكن العبادة المتوفرة في كل حي وكل بقعة مأهولة كقواعد حزبية مجانية، حيث أن هذه القواعد لم تتوفر لأي حزب سياسي آخر مهما كانت قوته.! إن تجربة السلطة الوطنية الفلسطينية في السنوات الماضية مريرة وقاسية سواء في قانون الانتخاب والتمثيل النسبي أو ازدواجية السلطة بين رئيس الوزراء ورئيس الحكومة.. ونعتقد أنه في حال قبولنا للتمثيل النسبي الكامل للأحزاب وإلغاء الدوائر كما وافق على ذلك الجميع فيجب أيضا تغيير النظام الرئاسي إلى نظام برلماني بحيث يتولى أقوى الأحزاب تشكيل الحكومة والرئيس ومصادقة المجلس التشريعي عليها..
نؤكد مرة أخرى على أن الشرعية التي يتاجرون بها انتهت مع نهاية الدورة الانتخابية وعلى الجميع الاحتكام من جديد إلى الشعب مهما كانت الأمور والأحوال، وإن مقولة أو مطلب الوفاق الوطني الذي يتذرعون به كي تجرى الانتخابات، وفي نفس الوقت هم المعيقون لهذا التوافق: نقول أن الجميع يحتاج إلى وفاقا وطنيا مع شعبه أولا الذي فقد الثقة بالقوى السياسية الموجودة لأنها لا تقف بجانبه ولم توفر له الطمأنينة والأمان.. والأمان هنا تعني توفير الحرية والحق في العمل والمسكن والتعليم وتكافؤ الفرص وتقليل الفجوة في سلم الرواتب بين الفئات، وكذلك الفجوة بين رواتب العسكريين والمدنيين، وبين الأغنياء والفقراء من خلال اعتماد سياسة اقتصادية ومحاربة الفساد الإداري والمالي في المؤسسات العامة وعدم احتكار السوق..
كما يقول المثل "فاقد الشيء لا يعطيه" فهل يعقل لحزب أو تنظيم فاز بالانتخابات لم يمارس الديمقراطية والانتخابات النزيهة في حزبه سوف يعطيها لشعبه ويكرسها كتقليد دوري وحق للمواطن الفلسطيني؟؟ هذا يقودنا إلى قانون الأحزاب أيضا، وكيف يمكننا مراقبة عمل هذه الأحزاب إن كانت تعتمد في برامجها وأنظمتها الداخلية نزاهة وشفافية حينها يمكننا أن نقبل بها أن تخوض غمار الديمقراطية الفلسطينية.. ولعل السؤال الأهم في الوضع الفلسطيني هو مأزق الاستقلال والتحرر، فلا المفاوضات حققت لنا ما نريد، ولا المقاومة التي يتغنى بها البعض حققت لنا ما نريد.. إذن هل يمكن للجميع الفلسطيني أن يتفق على استيراتيجية جديدة تتلاءم وحاجات شعبنا وظروفه، وتمكننا من الحفاظ على المنجزات وتطويرها تمهيدا لتحقيق أهدافنا القريبة والبعيدة..؟ سيبقى خيار الديمقراطية الشريفة والنظيفة هو الخيار الأجدر لتحقيق الحلم الفلسطيني...
0 comments:
إرسال تعليق