متى ينتهي عصر فرفور دمه مغفور؟!
ليبيا تحت القصف، أو الأصح القول ألقذافي يواجه مصير كل قاتل مغرور. ما شاهدناه منذ اشتعال ثورة الشعب الليبي، عمق قناعتنا أننا نواجه إنسان هو واحد من أمرين، إما أنه مجنون تماماً، أو أنه خطر تماماً، وبين الجنون والخطر خيط رفيع جداً، من الصعب أحياناً تمييزه. مواقف ألقذافي من ثورة الشعب التونسي، كانت دليلا واضحا أن قائد "الثورة" في ليبيا، بات يرى مصيره، وبدأ يحضر نفسه لتخطي المأزق المصيري لكل ديكتاتور سفاح .
جند آلاف المرتزقة الأفريقيين، الذين أدعى أنهم متطوعيون أفريقيون للدفاع عن "الثورة" التي "يقودها" ألقذافي في أفريقيا أيضاً. ثوار ليبيا أضحوا في دعاية ألقذافي "تنظيم القاعدة"، ولم يستطيع مواجهة الثورة الليبية الزاحفة إلا بعد أن أكتمل جيش المرتزقة، جيش أجرة كل جندي ألف دولار يومياً تدفع من اموال الشعب الليبي المنهوبة . فرق كثيرة من الجيش الليبي، التحقت بالثوار، قادة نظام ألقذافي تخلوا عنه تباعاً وكمن يهرب من مرض قاتل. الدول الوحيدة التي اصطفت إلى جانب مجنون أو "عبقري" ليبيا هي الأنظمة المرشحة أن تكون التالية بالدور، الجزائر وسوريا، والدور السوري سينكشف بوضوح بعد أن انتشرت أخبار حول نقل أسلحة ومعدات قتالية للقذافي لمواجهة الانتفاضة، وطيارين سوريين، سقطت طائرة أحدهم ودفن في سوريا.
بعض وسائل الإعلام العربية، مستاءة من التدخل الأمريكي والأجنبي. للأسف إن النظام العربي لم يرقى بعد إلى مستوى من الوعي والاستقلال، بحيث يحك جلده بظفره. هل كان الحل ترك "مجنون-عبقري" ليبيا أن يسفك دم شعبه ليبقى ملكاً على رمال الصحراء؟!
لنا انتقادات كثيرة وغضب بركاني جبار، ضد السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، ولكني أدعى أن نقدنا لتصرف سياسي، يجب أن لا نجعل منه تقيماً ثابتاً لكل السياسات ولكل المواقف ولكل الحالات.
في الموضوع الليبي قرار التدخل العسكري هو قرار سليم تماماً، وللأسف أن دولة عظمى مثل روسيا، وقفت متفرجة نتيجة حسابات لا علاقة لها بمستقبل ليبيا، وحقن دماء الشعب الليبي.
أنا مع التدخل لإنهاء معاناة الشعب الليبي، والتدخل كان بطلب عربي وطلب من قيادة الثورة الليبية، صاحبة القرار الشرعي الوحيد في ليبيا. ألقذافي هو الذي جعل الانتفاضة السلمية، ثورة مسلحة وحرباً دامية.
امتلاكه لوسائل القتال المتطورة وسيطرته على اموال الشعب الليبي يجب أن لا تمنحه الحق في ممارسة القمع الدموي ضد شعبه. يوغوسلافيا سابقا واجهت ضربة مشابهة لوقف المجازر ضد الأقليات القومية والدينية، وبالأساس ضد المجازر بحق المسلمين في يوغوسلافيا السابقة. لم يكن التدخل لإنقاذ أقلية دينية، بل كان تدخلاً لإنقاذ مواطنين عزل من القتل الإجرامي والإبادة الجماعية التي مارسها النظام اليوغوسلافي..
في ليبيا الصورة تكاد تكون مطابقة.. ألقذافي ومرتزقته في حرب إبادة جماعية لسائر أبناء الشعب الليبي.
بدون مرتزقة ،الذين يقتلون مقابل اجرة ، كانت الانتفاضة السلمية ستنتهي بدون أن يحولها ألقذافي إلى حرب إبادة ضد الشعب الليبي.
ربما حان الوقت لنفهم أن عالمنا لم يعد ذلك العالم القديم، حرية الإنسان وحقوقه أضحت معياراً أساسياً، أمريكا لم تتحرك للسيطرة على ثوره الشعب الليبي، هذه الثورة لا قيمة لها إذا لم تحرر الشعب الليبي من سفاح ومجرم حرب فقد ما يربطه بكل حس بشري ليبقى قائدا لما يسميها "ثورة"، كل ما يميزها الاستبداد والنهب والهرطقة القذافية.
ربما يكون التدخل الدولي في ليبيا، بمضمونه الجديد، المختلف عن العراق، هو المعيار الذي يجب أقراره، لوقف كل انتهاك لحقوق الإنسان.
للأسف، هذه الرؤية ما تزال تعاني من حواجز غير سهلة، وتجمل وجهين نقيضين، خاصة بكل ما يخص الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي البشع .
ولكن لا شيء يبقى في مكانه، وسينتهي عصر "فرفور دمه مغفور" ليحظى كل شعب بحقه في محاسبة قاتلي أبنائه وما يحدث في ليبيا اليوم، هي خطوات كبيرة أضافية ستتلوها خطوات، ولن تظل مناطق "محظورة" في عالمنا تمارس فيها حرية القتل. وسيكون أفضل لمكانة الولايات المتحدة، أن لا تتصرف بوجهين في الشرق الأوسط بكل ما يتعلق بحقوق الإنسان.
الشعب الليبي يصفق للتدخل الدولي العسكري، يجب أن نضمن أيضاً تصفيق الشعب الفلسطيني.الولايات المتحدة قادرة على فعل ذلك بموقف سياسي حازم وبدون عنف .
وعندها سنجد ان الشرق الأوسط كان حجر عثرة في تغيير واقع العالم كله نحو الأفضل .
nabiloudeh@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق