كانت الانتخابات البلدية التي جرت في الثامن من الشهر الحالي الحدث السياسي الابرز في ولاية نيو سوث ويلز وذلك على اكثر من مستوى ،أولاً من حيث نسبة الناخبين الذين قاطعوا الانتخابات حيث يعتقد ان نسبتهم تصل الى 50% ما قد يؤمن مبلغ 500 مليون دولار غرامات لخزينة الولاية ،لأنه حسب القوانين المعمول بها فإن التصويت الزامي او على الأقل شطب الاسم عن اللوائح لتفادي الغرامة، وهذه الظاهرة الثانية التي برزت بعد فرز الأصوات حيث بلغت نسبة الأصوات اللاغية مستوى لم تبلغه في السابق اية انتخابات لأن الناخب لا يبدي اي اهتمام بهذه الانتخابات ،التي وصفها رئيس الولاية الأسبق نيك غرينر بأنه غير ذات قيمة منذ 100 سنة ودعى الى التخلصمن البلديات بشكل تام ، المعروف ان لا برامج انتخابية بالاضافة الى ان الطاقم الاداري او البيروقراطية بمعنى آخر هو من يقوم بالتخطيط ودراسة المشاريع اكثر من اعضاء المجالس البلدية، الظاهرة الاخرى التي برزت هي نسبة المرشحين من ابناء الجالية العربية والنتائج التي احرزوها ،هذه بعض الظواهر على المستوى الاجرائي. اما على المستوى السياسي فكان لها تداعياتها ودلالاتهاعلى الرغم من الفصل بين القضايا المتعلقة اداراتها بالحكومة المحلية (البلدية) وبين القضايا التي تديرها حكومة الولاية او القضايا الفيدرالية التي تتولى ادارتها الحكومة الفيدرالية رغم وجود بعض التداخل على اقله من حيث تأمين الميزانيات وان كان بنسب متفاوتة بين الحكومات الثلاث.
حاول بعض السياسيين استغلال النتائج لإظهار مدى قوته لدى الناخبين والبعض الآخر حاول التقليل من اهمية تلك النتائج وذلك يندرج ضمن اللعبة السياسية طبعاً وحسب المصلحة وهذا عادة ما يحصل عند اي استطلاع للرأي.مهما كان رأي الاحزاب الثلاث الكبرى ، فقد تميزت هذه الانتخابات بدلالة سياسية وانتخابية سواء كانت ترشيحاً او اقتراعاً، حيث تراجع اداء حزب الخضر بتأرجح واضح ضد الحزب بنسبة تفوق 10%، وكان الإداء الأسوء له في بلدية وولارا حيث كان التأرجح ضدهم بنسبة 11.9% تليها بلدية لايكاردت 11% وماركفيل 7.4% والبلديتين الأخيرتين تعتبران عرين حزب الخضر.
حزب العمال تعرض لضربة سياسية مؤلمة ايضاً خصوصاً في بلديات ليفربول المعقل التاريخي لحزب العمال حيث فاز لرئاسة البلدية نادر منون مرشح حزب الاحرار بتأرجح تجاوز 20% ولم تقل اهمية النتيجة في منطقة بلاكتاون حيث كان التأرجح ضد العمال بنسبة 10% وقد فاز المرشح المستقل ورس ديكنز على المرشحة المدعومة من العمال كاتي كولنز وهذه هي المرة الأولى التي يخسر فيها الحزب رئاسة البلدية من العام 1989. وهذه النتيجة شكلت احراجاً لزعيم المعارضة العمالية في الولاية جون روبرتسون الذي يشغل مقعد بلاكتاون في برلمان الولاية وقد كان اداء حزب العمال سيئاً في بلديات اخرى مهمة مثل اوبرن، باكستاون, براماتا وروكديل، لكن الحزب يرى ان النتائج في بعض البلديات دليل على عودة الناخبين الى الحزب خصوصاً في دروموين، ستراستفيلد وبوتني باي.
الفائز الأكبر في تلك الانتخابات كان حزب الاحرار والذي كان لا ينافس في العديد من البلديات ومن ابرز البلديات التي سيدخلها الحزب لأول مرة بلدية ماركفيل وقد جاء تقدم الحزب على حساب حزبي العمال والخضر وبنسبة اكبر على حساب حزب الخضر.
اما في سدني فقد عادت كلوفر مور الى رئاسة البلدية للمرة الثالثة وان كانت قد خسرت اكثريتها المطلقة حيث عاد معها الى المجلس البلدي اربعة فقط من فريق المستقلين، وحسب صحيفة سيدني مورنيغ هارولد عدد 15-16 ايلول فإن مور بحاجة الى التفاوض مع الاعضاء الآخرين من اجل تمرير مشاريع القوانين اذا لم تستعمل صوتها المرجح وتعتقد الصحيفة بأن مور قد تلقى الدعم من حزب الخضر والعمال وفي سدني ايضاً فازت كرستين فورستر شقيقة زعيم المعارضة الفيدرالية طوني ابوت مرشحة حزب الاحرار بمقعد وترغب فورستر بمناسبة مور على رئاسة البلدية في الانتخابات القادمة.
مما لا شك فيه انه وفي السياسة تتقدم احزاب وتتراجع اخرى ولم تكن هذه الانتخابات مختلفة عن سابقاتها لكن الاحزاب الحية تجري جردة حساب واعادة نظر ودراسة اسباب الهزيمة من اجل العودة واقناع الناخبين بأن الرسالة وصلت وان الحزب سوف يعدل من اسلوبه سواء من حيث البرامج او اختيار المرشحين وتحسين الاداء.
هنا لا بد من السؤال هل سيدرس حزب الخضر اسباب تراجعه ام سيكتفي بإلقاء اللوم على الناخبين الكسولين الذين تعبوا من السياسة خصوصاً السلبية التي يتبعها وينتهجها زعيم المعارضة طوني ابوت كما ذكرت صحيفة صنداي تلغراف عدد 16/09/2012 ص 14 ؟
التساؤل ذاته ينطبق على حزب العمال والذي تسبب اداء بعض سياسييه وممثليه في الهزيمة المدوية في بلديات ليفربول ،بلاكتاون ،بانكستاون،اوبرن،باراماتا وروكديل حيث كان اختيار المرشحين على طريقة الازلام والمحاسيب والتحالفات المشبوهة وحشد الفروع الحزبية بمن لا يمتون الى العمل السياسي والحزبي بصلة، بغض النظر عن الكفاءة ارضاءاً لبعض المتنفذين الذين يريدون اداوت يتحكمون بها حفاظاً على مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة الحزبية ومن بعدها المصلحة الوطنية ،حيث يعتقد او يعتبر هذا البعض ان اصوات بعض المجموعات الاثنية على انها تابعة كمسلمات وهذا ما ظهر عكسه في الانتخابات البلدية الاخيرة ،وقبلها في انتخابات الولاية التي جرت العام الماضي!!
سدني
Email:abbasmorad@hotmail.com
Email:abbasmorad@hotmail.com
0 comments:
إرسال تعليق