رسم تقرير نشره يوم السبت الماضي موقع "ديبكا DEBKAfile" الإسرائيلي المخابراتي بالإنكليزية صورة قاتمة وخطيرة جداً عن تطورات الوضع في سورية بعد دخول تركيا وأوروبا وأميركا وبعض الدول العربية علناً في أتون الصراع الدموي هناك من خلال إعلانهم وللمرة الأولى عن قيامهم بتدريب الثوار السوريين وتزويدهم بالسلاح وسعيهم إلى إقامة مناطق عازلة على الحدود التركية، إضافة إلى تسلم تركيا كما كان ذكر الموقع نفسه قبل ثلاثة أيام مباشرة قيادة مجموعات عسكرية من الجيش السوري الحر قيادتها تقيم داخل تركيا.
في هذا السياق تم تحذير إيران أميركياً وأوروبياً وإسرائيلياً عبر إعلان هذه الدول بطرق مختلفة مباشرة ومواربة أن طهران تلعب بالنار من خلال إرسالها قبل أيام قليلة 150 ضابطاً من الحرس الثوري لدعم الأسد ونصحوها برفع يدها وعدم التدخل في سورية.
وفي هذا الإطار التحذيري أُعلن عن مناورات بحرية أطلسية وعربية كبيرة جداً بالقرب من مضيق هرمز سوف تبدأ في السادس عشر من الجاري وتستمر عشرة أيام هدفها التعامل مع سيناريوهات إقفال إيران للمضيق في حال نشوب أية مواجهة عسكرية معها على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل. وذكرت التقارير الأميركية والإسرائيلية أن إدارة الرئيس الأميركي أوباما أرادت من خلال هذه المناورات غير المسبوقة بضخامتها التأكيد لقادة إسرائيل انه ممنوع على إيران تحت أي ظرف امتلاك أسلحة نووية، وأن كل الأوراق هي على الطاولة بما فيها العسكرية.
حزب الله والنظام السوري وملالي إيران بدورهم صعدوا من مواقفهم الإعلامية والإرهابية الخشبية، في حين أن صحف إسرائيل تروج لحرب وشيكة على حزب الله وإيران وتتخوف من استعمال الأسد للأسلحة الكيماوية، التي قالت واشنطن إنها منتشرة بكثرة في مواقع متعددة داخل سورية، مما يعني أنها لم تعد قادرة على السيطرة عليها عند الضرورة، كما كانت ذكرت في تقارير لها قبل أسابيع عدة.
وفي موقف لافت وشجاع قررت يوم الجمعة الماضية الحكومة الكندية المحافظة التي يرأسها ستيفن هاربر إقفال سفارتها في طهران وأعطت الدبلوماسيين الإيرانيين خمسة أيام مهلة لمغادرة الأراضي الكندية، كما اعتبرت رسمياً كلاً من سورية وإيران دولاً حاضنة للإرهاب وبالتالي سوف تتعامل معهما على هذا الأساس.
كندا اعتبرت أن إيران تهدد السلم العالمي وإسرائيل، ولا تتجاوب مع المساعي الدولية بما يخص برنامجها النووي، إضافة إلى مساندتها العسكرية والمالية لنظام قتلة الأطفال السوري. رد الفعل الإيراني على الخطوة الكندية لم يتأخر وجاء خشبياً وإرهابياً ومتوعداً بالانتقام ومستعملاً المعزوفة البالية والممجوجة نفسها ومتهماً الحكومة الكندية بالرضوخ للتأثيرات الصهيونية والبريطانية.
وفي سياق متصل طالبت بريطانيا الدول الأوروبية وضع ما تسميه "جناح حزب الله العسكري" على قائمة الإرهاب، وهو توصيف بريطاني غريب عجيب لا يمت للحقيقة بصلة، ولا وجود له على أرض الواقع, وكان حزب الله نفسه مراراً نفى وجوده وسخر منه كون الحزب منظمة إيرانية عسكرية متكاملة في كل مؤسساتها وفروعها المدنية والخدماتية والتعليمية والمالية والعقائدية والستراتيجية.
الدعوة البريطانية هذه كانت سبقتها نداءات إسرائيلية جدية وعلنية ومتكررة من كبار المسؤولين للدول الأوروبية لوضع حزب الله، الجيش الإيراني في لبنان، على قائمة الإرهاب كما هي الحال في أميركا وكندا وأستراليا,، إلا أن أوروبا ولأسباب غير واضحة، ربما تعود للخوف من ردود فعل إرهابية أصرت ولا تزال على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع هذا الحزب الإيراني والأصولي والمذهبي.
وهنا نسأل الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها التي تهددها إيران في كيانها ووجودها وثرواتها وأنظمتها وتحتل ثلاث جزر تابعة لها منذ سنوات طويلة، نسألها لماذا لا تتخذ هي الإجراءات نفسها التي اتخذتها حكومة كندا؟ ولماذا حتى يومنا هذا لا تعلن رسمياً أن إيران هي العدو رقم واحد لها ولشعوبها وتتصرف على هذا الأساس؟ علماً أن كتاباً عرباً مرموقين ومنهم طارق الحميد والعميد أحمد الجارالله كانوا أخيراً جاهروا بهذه الحقيقة مراراً عبر مقالات وتقارير نشرتها صحيفتا "الشرق الأوسط" السعودية و"السياسة" الكويتية.
طهران التي لا تخفي حقيقة"حزب الله الفارسية والملالوية والذي هو جيشها في لبنان بكل ما في الكلمة من معنى، أعلنت الجمعة الماضية على لسان مستشار القائد العام لقواتها المسلحة اللواء يحيى صفوي إن لبنان وسورية يشكلان عمق الدفاع الستراتيجي لإيران، وان حزب الله سيرد إذا ما هاجمت إسرائيل الجمهورية الإسلامية. وقال صفوي حسب ما نقلت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء: "إذا نفذ الكيان الصهيوني يوماً ما أي خطوة ضدنا، فإن مجموعات المقاومة وبخاصة حزب الله في لبنان باعتباره عمق دفاعنا الستراتيجي سيقوم بالرد على هذا الكيان". واعتبر "أن الدفاع عن فلسطين وشعبها يندرج في إطار دفاعنا الستراتيجي، ولبنان وسورية أيضا يشكلان عمق دفاعنا الستراتيجي".
وحزب الله الإيراني والإرهابي هذا صعد في لبنان من حربه الكلامية والتهديدية على تجمع 14 آذار"اللبناني السيادي، وعلى الحكومة اللبنانية وإسرائيل والدول العربية وتركيا، وكذلك فعل كل مرتزقة وأبواق محور الشر المأجورين في لبنان من أمثال ميشال عون، وسليمان فرنجية، وعلي عيد، والحزب البعثي والحزب القومي السوري وغيرهم من أعداء لبنان والعرب والسلام والحقوق.
في الخلاصة إن المواجهة العسكرية مع محور الشر الإيراني - السوري ومع كل منظماته الإرهابية التي في مقدمها ميليشيا حزب الله, هي واقعة لا محالة، وكلما كانت هذه المواجهة قريبة وحاسمة وجدية، كلما كانت الخسائر أقل، وكلما طالت ازدادت هذه الخسائر تماماً كما كانت الحال المأسوية مع هتلر والنازية التي وبسبب الخوف والتردد والانقسامات والمساومات تأجلت الحرب معه إلى أن فرضها هو على الجميع، فكانت النتائج مكلفة جداً والخسائر كارثية.
يبقى أن التاريخ الهتلري يعيد نفسه مع جنون وإجرام وإرهاب وهمجية ومخططات محور الشر التوسعية، فهل يستفيد العالم الحر ومعه الدول العربية من دروس هذا التاريخ الدموي، أم أنهم سيرتكبون الأخطاء والخطايا نفسها؟
0 comments:
إرسال تعليق