الزميل اكرم المغوّش يحاور الفنان الكبير الاستاذ وديع الصافي ـ من الارشيف |
خسر الفن العربي الصحيح الراقي، بعد عمر مديد ومشّرف، احد عمالقته الكبار وديع الصافي الذي اغنى لبنان والعرب والعالم أجمع بفنه المجيد، حيث كان شجرة عملاقة وارفة الظلال، اطرب فيها الجماهير العربية في طول العالم وعرضه ودول الانتشار .
مقابلاتي مع وديع الصافي
وعندما وفد الى استراليا لاقامة المهرجانات كان من نصيبي اجراء العديد من المقابلات واللقاءات الصحفية معه التي تحدث فيها، رحمه الله، عن ولادته ونشأته في بلدة نيحا، جارة المختارة، التي يعتز بها كما نيحا وكل الشوف ولبنان والعرب، وكان يمازحني ويحدثني بتركيزه على القاف كثيراً ويتذكر ايام الطفولة، وهو يلعب مع اقرانه من ابناء بلدته نيحا، الذين يعتبرهم اخوة واهلاً له، وخاصة آل فرحات الذين يقيمون في الولايات المتحدة الاميركية حالياً، وهم من كبار رجال الاعمال والجامعيين ويقومون بتكريمه واستضافته لانه من اهل البيت، ويقول لي: يا ابني يا اكرم ارفع رأسك أنت من بني معروف الدروز النشامى، وهم اهلي الاعزاء الكرام، ولن انسى ما حييت فضل الست نظيرة جنبلاط زوجة الزعيم الشهيد فؤاد بك جنبلاط، ووالدة القائد والمعلم الكبير الشهيد كمال بك جنبلاط، وجدة الزعيم وليد بك جنبلاط، يوم قدمت لي مبلغاً من المال في اول حياتي الفنية، لأتعلم العزف على العود، واشتري ما احتاجه من مواد.
ويضيف قائلاً: بنو معروف هم حماة الديار والثغور منذ فجر تاريخهم، ويتذكر الامراء المعنيين والارسلانيين والجنبلاطيين، ولا ينسى ابو الثورات العربية المظفرة القائد العظيم سلطان باشا الاطرش ورفاقه الميامين الاشاوس وهو يردد :
جبلنا بدمنا ترابو جبلنا
منبقى هون ما منترك جبلنا
ويصدح بصوته الجميل:
ارض البطولة وساحة الفرسان
وقفت بوجه الغدر غضبانه
ونعود الى حديثه الشيق، فيؤكد على أن اللبنانيين جميعهم عائلة واحدة من شجرة عربية عريقة، من المحيط الى الخليج، وكم كان صادقاً هذا العملاق الكبير عندما غنى وأوصى الابطال للذود عن الوطن وكرامة ابنائه :
خليك يابني عا الوطن سهران
عين البيجيها النوم وعيّها
ويمجد ابطال الجنوب وشعبه المناضل :
الله معك يا بيت صامد بالجنوب
الى ان يغني للديره والديار في اغنية حورّها في المناسبات لتصبح اغية وطنية قومية :
عمر يا معمر العمار
وعمر حارتنا
عمرلي شي اوضه ودار
بتعمر ديرتنا
عمر سورية ولبنان
وع الغيم بيعلى البنيان
وديع الصافي وشربل بعيني
ونستذكر ايضاً مداعبات فقيدنا المطرب الكبير وديع الصافي مع الاستاذ شربل بعيني، بعد تقديم احدى الحفلات، خاصة حول اللهجات حيث انتقد، رحمه الله، شربل الذي يقول بدلاًً من بيي: بيّا وامّا، فيرد عليه الاستاذ شربل:
ـ وهل القاف تبعك يا استاذ وديع اجمل من بَيّا وامَّا؟
فيقول له فقيدنا الغالي وهو يضحك:
ـ انت نسيت انو اصلك مجبول بالقاف، ونسيت انك من عنا من الشوف، وأن عائلة بعيني من أهم العائلات الدرزية؟
نضحك نحن.. بينما شربل بعيني يمدحه بقصيدة ما زلت أحتفظ بها:
قَلْبَكْ صَافِي.. وْصَوْتَكْ صَافِي
أَصْفَى مِنْ شَلاّل الْوادِي
وْمَلْيُون بُلْبُل فَوْق حْفافِي
عِمْلُولَك جَوْقِة رِدّادِي
لَوْ طَبْعِتْ رَسْمَكْ عَ الْعُمْلِه
قدَّامْ إِسْمَكْ بكْتُبْ جُمْلِه:
حَقَّكْ.. مُشْ رَحْ تُوفِي بْلادي
فوقف الوديع وقبّله، وسأله لماذا لا يرجع الى لبنان، فأجابه شربل:
بَدِّي إِرْجَعْ.. بَدِّي إِرْجَعْ..
عَ جْناحْ صَوْتَكْ طفْل
عَ بْلادْ شَوَّهْ ضِحْكِتَا الْمَدْفَعْ
وْشَرَّدْ جَمِيعْ الأَهْلْ
وديع.. كل ما أُوفَكْ بْتِدْمَعْ
بْيِبْكِي الْجَبَلْ والسَّهْلْ
فرد عليه مطربنا الخالد بموال حيا فيه نخوته وادبه وشكره.
أغنيات خالدة
اغنيات لا تعد ولا تحصى، وارث وتراث عظيم، لا تكفيه المجلدات، فكيف بالاحرى مقال متواضع كهاذا.
لقد غنى مطربنا الكبير وديع الصافي لكبار الشعراء من اسعد السبعلي ويونس الابن وسواهما والأغنية الاجمل كانت: لبنان يا قطعة سما.
ولعل اجمل لقاءاته التي ذكرها لي كانت مع الموسيقار الاكبر الامير فريد الاطرش ولحنه الاجمل لاغنية فريدة تقول :
عالله تعود عالله
يا غايب في ديار الله
من بعدك أنت يا غالي
مالي احباب غير الله
حقاً ايها الراحل الكبير.. انت لم ترحل لان بصماتك الفنية خالدة مخلدة في جميع اعمالك الرائعة مع الرحابنة والسيدة الكبيرة فيروز، ورفاق المسيرة العامرة مثل الكبير نصري شمس الدين الذي سبقك الى دار الخلود، والكبيرة صباح اطال الله في عمرها، ونحن نقول، وبأسف شديد: رحمك الله واسكنك فسيح جنانه .
2 comments:
مقال جميل عن بلبل جميل عوضنا اللهُ عنه خيرا.
ونياللو يا عم شربل أن جالست هذا البلبل المغرّد.
نياللو باللبناني،
وبالمصري: يا بختك يا سيدي.
فاطمة ناعوت
أشكرك ايتها الشاعرة الكبيرة والسيدة العظيمة فاطمة ناعوت على تعليقك الجميل على مقالي هذا.. ونحن نتتبع نشاطك المفرح عبر "الغربة" وباقي الوسائل الاعلامية. تحية للشعب المصري البطل.
إرسال تعليق