الفــزاعــــــة/ أنـطــونــي ولـســن


الفزاعة مصطلح يستخدم للتخويف من جماعة أو نظام أو نشاط أفراد وجماعات ، أو لإخافة جماعة أو نظام أو نشاط أفراد وجماعات .وقد إستخدم النظام المصري السابق هذا المصطلح " الفزاعة " لإخافة الأقباط المسيحيين من الأخوان المسلمين فتتسع هوة العلاقات بين أبناء وطن واحد . كما إستخدمه الأخوان المسلمون ضد مسيحيو المهجر " أقباط المهجر " بإتهامهم بالخيانة والعمالة مع أعداء الوطن والمسلمين ، وقد نجحوا في ذلك نجاحا منقطع النظير حتى باتت صورتهم " مسيحيو المهجر " مكروهة ومرتبطة بكل مصيبة تحدث في مصر مع العلم أن إغتراب المصريين قديم ولم يبعدهم عن مصر ، بل لو أعدنا النظر إلى ما فعله مصطفي كامل وتحمله مشاق الغربة في الغرب وإختياره فرنسا أرضا يستطيع أن يخبر من على أرضها العالم الغربي بما تعانيه مصر والشعب المصري من إضطهادات من المحتل الأنجليزي مطالبا بإنهاء الأحتلال وإعطاء الشعب المصري حريته . ولا يمكننا أن ننسى مقولته الشهيرة العظيمة " لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصري " وحمل محمد فريد الشعلة من بعده . وهذا ينطبق أيضا على أقباط المهجر مسلمين ومسيحيين الذين لم ينسوا مصرمرددين جميعهم مقولة قداسة البابا شنوده الثالث " مصر وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه " وكلاهما " مصطفي كامل والبابا شنوده " مصريان ، وأقباط المهجر لا يقلون وطنية عن مصطفى كامل ومحمد فريد وجهادهم ضد المستعمر المحتل الأنجليزي الذي لا يختلف عنه حكام مصر منذ الأنقلاب العسكري المشئوم عام 1952حتى يوم الجمعة 11 فبراير هذا العام 2011 والذين عاثوا في الأرض فسادا ولم يفعلوا شيئا للشعب القبطي المسلم، المسيحي ، البهائي ، النوبي والبدوي بل حصيلة ما فعلوه يعاني منها الشعب الذي قام شبابه بثورته المباركة يوم 25 يناير هذا العام 2011 .
والغريب في هذه الأيام بدأ الأخوان يستخدمون الفزاعة " التخويف " لما تبقى من النظام السابق وطبيعي من الحزب الوطني الديمقراطي الذي يدور لغط حول دخول أعضائه الأنتخابات المتوقعة بعد الأستفتاء على التعديلات التي تم تعديلها في الدستور المصري إذا تم الأتفاق عليها من قبل الشعب يخيفون بهم شباب ثورة 25 يناير والشعب المصري. هذا إذا كان فعلا مازال هناك بواقي من النظام السابق أو من الحزب نفسه الذي نجح في تقويض عروة الأخوة بين أبناء الوطن وبث روح الفرقة مستخدما الأخوان كأداة لتنفيذ مخططه الشيطاني في إبعاد الأخوان عن الساحة السياسية والتركيز على الشارع المصري لإحتوائه بأسم الدين ، وبالتالي يستريح النظام من محاولاتهم للمشاركة في تسير أمور الدولة أو الأمة الإسلامية وينكدوا عليهم عيشتهم .
عرف الأخوان المسلمون بالجماعة المحظورة ولا يسمح لهم بتكوين حزب سياسي . ومع ذلك نجحوا في إنتخابات مجلس الشعب في عام 2005 بترشيح أنفسهم كمستقلين وبلغ عدد النواب في مجلس الشعب منهم 88 عضوا ، وبهذا شكلوا معارضة وحيدة للنظام مما أغاظ النظام فأنتقم منهم في إنتخابات مجلس الشعب عام 2010 .
والأن الساحة خالية لهم " الأخوان المسلمون " بعد الأستفتاء على التعديلات يوم السبت 19 من هذا الشهر مارس هذا العام 2011 إذا تمت بالفعل الموافقة الشعبية على التعديل . وهم أكثر التنظيمات إستعدادا للقفز إلى السلطة وتحقيق حلم طال إنتظار تحقيقه .
الواضح والواقع أن هناك غموض لإتخاذ المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرار تعديل بعض مواد دستور بال ويجب تغيره جملة وتفصيلا وتحديد فترة زمنية قصيرة للأستفتاء دون مناقشة تلك التعديلات من جميع فصائل الشعب المصري بما فيهم شباب ورجال الثورة " من الجنسين " قبل الأستفتاء .
وهذا التصرف من المجلس الأعلى للقوات المسلحة يجعل الأنسان المصري العادي يفكر في الحكمة من وراء إتخاذ هذا القرار .فإذا قيل له إن الوضع في مصر غير مستقر ومقلق ونريد سرعة إرساء الدولة المدنية بإنتخاب رئيس الجمهورية الذي سيشكل لجنة لوضع دستور جديد بعد او قبل إنتخاب مجلس الشعب .
سيكون رد رجل الشارع في ظني ، أنكم قد تسرعتم بإتخاذ مثل هذا القرار الهام في بدء تكوين دولة مدنية جديدة رغبة في إستقرار البلاد حتى تعود إلى الحياة العملية من جديد بعد فترة زمنية تظل السلطة بيدكم يتم فيها للأحزاب الأخرى غير الدينية من تنظيم أنفسها ، ويكون كل من شارك في الثورة ولهم رغبة في العمل السياسي قد تشاوروا إما بالإنضمام إلى أحزاب موجودة على الساحة المصرية السياسية ، أو بتكوين أحزاب جديدة يمكنهم بها خوض إنتخابات الرئاسة وإنتخابات مجلس الشعب ، وتكونون بهذا الشكل قد أعطيتم الفرصة للتعددية الديمقراطية في الوجود الحقيقي على أرض مصر .
لكنكم أسرعتم في تعديل بعض مواد الدستور المهلهل دون وضع دستور كامل جديد تشترك في إعداده رموز قانونية من المصريين جميعا على مختلف تعدداتهم الدينية أو الفكرية طالما هم ليسوا من رجال دين ولا ينتمون لتنظيمات دينية ، لكنهم رجال فكر قانوني .
لكن بعملكم هذا تكونون قد أسأتم للشعب المصري بفرض فئة أو فئات بعينها من الذين ركبوا موجة الثورة وأنتم تعلمون جيدا أنهم في إنتظار إشارة الأستيلاء على الحكم بالقانون وفرض الدستور الجديد الذي سينظمه الرئيس الجديد الذي سيكون منهم أو مواليا لهم ، مع مجلس شعب أيضا غالبيته منهم أو مواليا لهم .
وقد بدأ ذلك واضحا مما حدث مؤخرا في مصر في قرية صول بأطفيح من حرق كنيسة لسبب جنائي يخص شرطة الأداب مما أدي إلى القتل وتهجير أسر مسيحية كثيرة عن القرية .وقد تدخل مشكورين بعض من رجال الدين الإسلامي وبعض من رموز الأخوان في فض النزاع مع بعض من شباب الثورة على الرغم أن الآخرين " رجال الدين الإسلامي وبعض رموز الأخوان " ، خطفوا الصورة منهم " شباب الثورة " بلغة أهل السينما .
وبهذا يكون واضحا أن حل مشاكل المصريين الدينية بيد رجال الدين وليس السلطة المدنية إن كانت في شكل الشرطة أو القضاء . وهذا لا يخدم الدولة المدنية التي يتطلع إليها أبناء مصر.
لقد أعجبني جدا ما جاء على لسان سيادة المستشار أحمد مكي على الهاتف في برنامج " القاهرة اليوم " يوم السبت أو الأحد الماضيين حينما قال " ... البيت لازم يكون مبني على أساس نظيف ، مش على الزبالة ...." .
نعم سيادة المستشار البيت لازم ينبني على أساس نظيف مش زبالة . لأن الواقع المر قوتان كانتا تحكم مصر ، قوة نظام الرئيس السابق حسني مبارك الفاسد ، وقوة الأخوان المسلمين التي أولاها مبارك فرصة السيطرة على الشارع المصري الذي وصل إلى هذا المستوى من التدين الظاهري دون الجوهر ، والذي ميز بين أبناء وطن واحد . وكلاهما ، النظام والأخوان أوصلا مصر ألى ما هي عليه من تردي وتأخر وإحتقان .
ألخص فيما يلي الأصلاحات الواجب تفعيلها أو البدء في تفعيلها قبل تسليم إدارة البلاد لحكومة مدنية منتخبة من الشعب .
1ـ إخماد فتيل الفتنة الطائفية بقوة القانون ، والقانون الوضعي الجنائي فقط .
2ـ القضاء على الفساد بجميع صوره حتى يمكن للشعب أن يبدأ حياة جديدة .
3ـ أرساء القاعدة الحزبية في مصر ، وإعطاء فرصة لشباب 25 يناير لممارسة حقوقه الحزبية قبل البدء في أي إنتخابات سواء رئاسية أو برلمانية .
4ـ مراجعة الأعلام المصري وعدم نشر أو بث أو إذاعة ما يسبب بلبلة أو فتنة بين الشعب . قد يقول قائل كأنك تريد إعادة الرقابة على الأعلام . أقول الرقابة كانت دائمة وأبدا موجودة ، لكن الخط الديمقراطي الذي تشدقوا به كان خط غير ملتزم . والديمقراطية والحرية غير الملتزمة تؤدي إلى فوضى . وهذا ما عانى منه الشعب المصري طوال عقود كثيرة .
5ـ أعادة النظر في المناهج التعليمية والمدارس غير الحكومية إن كانت دينية أو غير دينية لبناء أمة حضارية تعلم أبناءها كيف يكونون فاعلين متفاعلين مع التقدم العلمي والحضاري مع العالم المتقدم .
لأن التعليم الحالي لا يخرج متعلمين ، بل جهلاء متعصبين لا يخدمون الوطن .
6ـ تنظيف الشارع المصري من الفكر المتعصب الكاره للغير. وهذا لن يكون إلا عن طريق التعليم ومحو الأمية والخطاب الديني الوطني المستنير.
7ـ تفعيل قوة القانون المدني الوضعي الذي يمكن تعديله أو تغيره بما يتلائم مع متطلبات الحياة وركب الحضارة .
8ـ إعداد دستور جديد قبل إنتخابات الرئاسة أومجلس الشعب .
9ـ تشجيع الحكومة الحالية على العمل على أنها حكومة مسؤلة عن إدارة شئون البلاد وإستقرار الأمن بعودة قوات الشرطة لخدمة الشعب .
10ـ المغتربون في الخارج في أشد الحاجة إلى وزارة الهجرة يكون لها سفراء في عواصم ومعظم المدن الرئيسية في العالم ، لزيادة الأرتباط بين المغتربين وأمهم مصر.
هناك الكثير والكثير جدا من الأمور التي يحتاجها الشعب المصري بعد الفوضى التي سيطرت على الشارع المصري والعنصرية والتعصب البغيض الذي لم تتصف به مصر على مر العهود والعصور .
إنني أناشد سيادة المشيرحسين طنطاوي القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى لها والمنوط إليه وجنوده البواسل إدارة شئون البلاد ، عدم الأستعجال في إنهاء مهمته . لأن المهمة ليست فض إشتباك أو إنهاء حالة طواريْ ، إنما إعادة بناء أمة من جديد . وهذا يتطلب وقت وجهد ، وكلنا ثقة بأن الجيش المصري أهل لها .
وأتوجه لأخواتي وإخوتي في مصر بتحكيم عقولهم عند الأستفتاء يوم السبت 19 مارس هذا العام 2011 بالتصويت بـ لا.. وألف لا ، حتى لا نحتاج إلى ثورة وثورات أخرى ، وكفى ما هى عليه مصر أم الدنيا والمباركة من الله " مبارك شعب مصر " والتي قالها على لسان نبيه أشعياء وقت كانت مصر دولة وثنية فما بالنا ونحن دولة دينية مؤمنة بوجود الله مهما تعددت طرق إيماننا به .
وكفانا فــزاعـــــات .

CONVERSATION

0 comments: