مصر بين الاستقرار والفوضى العارمة/ ابراهيم الشيخ

ما زالت تتفاعل مسألة فض اعتصامات الاخوان المسلمين بالقوة وانهائها، ويبدو ان الاخوان مُصرين على مواقفهم من خلال الاستمرار بمظاهراتهم وتجمعاتهم الاحتجاجية بهدف تحقيق مطالبهم التي تتمثل بعودة الرئيس مرسي الى الحكم، وان دائرة العنف والقتل تتسع من يوم لأخر، وكل يوم جديد يطالعنا باخبار العنف والعنف المضاد، وتأخذ الامور منحى تصعيدي يوحي بأن حل الازمة المصرية اصبح اكثر صعوبة وتعقيداً.
من نتائج ما يسمى بالربيع العربي الذي اتى بالاخوان المسلمين الى سدة الحكم في مصر والتي طالما حلموا بها، فمن المعروف بأن الاخوان لم يمارسوا هذه السلطة في مصر من قبل بسبب محاربتهم من قبل الانظمة السابقة التي حكمت مصر، فالاخوان اخطئوا وظنوا بأن السلطة التي وصلوا اليها سوف تبقى بأيديهم لوقت طويل، وباستطاعتهم ادلجة الدولة، ولكن هذه المسألة لاقت معارضة من قبل الكثير من المصريين، وتناسى الاخوان بأن الصناديق التي اوصلتهم الى هذه السلطة من الممكن ان تزيحهم عنها.
 ان قصر مدة الحكم التي مارسها الاخوان والتي حسب المراقبين لم تكن كافية لاظهار نتائج فعلية على ارض الواقع، ولكن من الممكن الملاحظة بأنه خلال سنة لم يتغير اي شيء في مصر بالنسبة للوضع الاقتصادي المتردي، وبالنسبة للسياسة الخارجية التي ابقت على العلاقات مع واشنطن على حالها كما كانت في عهد نظام حسني مبارك طمعاً في المساعدات الامريكية، وترتبط هذه المساعدات باحترام اتفاقيات السلام الموقعة مع اسرائيل.
فالتغيير الذي احدثه العسكر في مصر يحتاج الى وقت لمعرفة اسبابه واهدافه الحقيقية، فالهدف الواضح حتى هذه اللحظة هو اقصاء الاخوان المسلمين عن السلطة من خلال عزل الرئيس محمد مرسي، بحجة الاخطاء التي ارتكبها الاخوان المسلمين وعدم ارتياح الكثير من الشعب المصري لوصولهم الى سدة الحكم،  ولهذا السبب وقفت فئات من الشعب المصري التي كانت مؤيدة لنظام حسني مبارك فهذه الفئات تشعر بأن الاخوان المسلمين هم الذين قد اسقطوه وجاء الوقت للانتقام منهم.
ويبدو ان هناك فئات من الشعب المصري قد نسيت ما مارسه النظام الكتاتوري السابق الذي حكم مصر لمدة ثلاثين سنة ووجهت هذه الفئات معارضتها ضد حكم الاخوان، وقبول ما قام به ويقرره العسكر دون التفكير بالاهداف من اقصاء الاسلاميين عن الحكم، فهناك اسئلة يجب الاجابة عنها واهمها اهداف العسكر ومع من يتحالفون ومن يدعمهم، وهل هم سيذهبون بمصر الى الاستقلال التام عن واشنطن وعدم الاذعان لمساعداتها وعدم احترام اتفاقيات السلام المذلة، ام سيبنون نظاما يستمر بنفس السياسة التي اعتمدها انور السادات ومن بعده
نظام حسني مبارك بإخراج مصر من دائرة الصراع العربي الاسرائيلي وبالتالي اضعاف الامة العربية.
لا شك ان لمصر اهمية كبرى في الوطن العربي كأكبر دولة عربية ولها تأثير كبير في تقدم وضعف الامة العربية، فتصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بأن الدول العربية مستعدة لدعم مصر وتعويضها عن وقف المساعدات الامريكية والغربية تعتبر مسألة مهمة ان كانت جادة لترجع مصر الى احضان الوطن العربي الذي تسعى شعوبه الى ممارسة الحرية والديمقراطية وعدم بقاء الدول العربية مرتهنة اقتصاديا وسياسيا لواشنطن والدول الغربية الاخرى، والسكوت عما يفعله الاحتلال الاسرائيلي في الارض العربية وتهديد مقدرات ومقدسات العرب.
امام العسكر فرصة لتصحيح ما وقعت فيه مصر من خلال جرها الى معاهدات سلام مذلة، وعدم تكرار اخطاء الذين سبقوهم، وإلا ما معنى الانقلاب الذي قاموا به، ويجب على العسكر ان يبرهنوا ان مهمتهم هي حماية الشعب المصري بكل انتماءاته السياسية والدينية، وعدم السماح بالقتل والقمع على اساس الانتماء وعدم المساس بحرية المواطنين وعدم السماح بالاعتداء على الكنائس والمساجد، ان مصر على مفترق طرق خطير، فعلى جميع الاطراف ادراك ان القتل والعنف لن يؤديا إلا للمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار وشرذمة المجتمع.
 بل شك ان الذي يجري في مصر من قتل واقصاء وتضييق على الاعلام لا يدل حتى الان على ان اهداف ثورة 25 يناير المصرية التي قامت من اجل احترام حقوق الانسان وممارسة الديمقراطية والحرية واسقاط الدكتاتورية والظلم قد حققت اهدافها، فالمخاض المصري العسير ما زال مستمرا، ومن غير المعروف عما ستسفر عنه الاحداث التي تبدو انها مرشحة للتصعيد لا الى الحل.


CONVERSATION

0 comments: