المؤامرة تدخل منعطفاً خطيراً ومصيرياً فناصروا سوريا الوطن وانصروها/ محمود كعوش

بغض النظر عما إذا كنا راضين عن سياسة الرئيس بشار الأسد وحزبه الحاكم أم لا، فإننا لا يمكن أن نقبل في حال من الأحوال أن تتعرض سوريا وشعبها وجيشها ومؤسساتها لعدوان عسكري تُعد له وتقوده الولايات المتحدة الأميركية زعيمة الإستعمار الجديد في العالم وتشارك فيه دول غربية وإسلامية وعربية وتموله "ممالك وأمارات ومشيخات خليجية"، تكون المصلحة فيه للكيان الصهيوني المجرم وهيمنته المستقبلية على الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط برمتها. 
ومن المؤكد أننا كقوميين ووطنيين عرب لن نقف صامتين ومكتوفي الأيدي في حال حصل العدوان المرتقب، وكل منا سيساهم بالطبع في الدفاع عن سوريا الأرض والجيش والمؤسسات والكرامة والانتماء قدر ما تتسع نفسه وما يستطيع. 
وإننا إذ نستبق الأمر لنعبر عن موقفنا بهذا الوضوح، فإننا نفعل هذا من منطلق انتمائنا القومي والوطني وحرصنا على سوريا الوطن الذي يشكل جزءاً من  حرصنا على كل قطر عربي يتعرض لعدوان خارجي إجرامي بلا مسوغ أو مبرر موضوعي أو منطقي.
 فيوم أبدينا مناصرتنا لحق إخواننا السوريين في المطالبة بالإصلاح والتغييرعلى جميع المستويات والصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية في بلدهم، بما في ذلك الانتقال من نظام الحكم الشمولي وعبادة الفرد إلى نظام ديمقراطي يتم تداول السلطة فيه بشكل دوري ومنتظم، كنا على قناعة تامة بأن ما جرى ويجري في سوريا على مدار ثلاثين شهراً تقريباً لا يمت للديمقراطية بصلة لا من قريب ولا من بعيد، بل هو أبعد ما يكون عن الديمقراطية ويندرج في سياق مؤامرة كونية شرسة متعددة الرؤوس والأساليب والوسائل، خططت لها وتشرف على تنفيذها الولايات المتحدة الأميركية، ويشاركها في التنفيذ كل من الكيان الصهيوني الإرهابي المجرم وبعض الدول الغربية والإقليمية، إلى جانب الممالك والأمارات والمشيخات الخليجية التي سبق الإشارة إليها. وكما هو معروف فإن هذه الأخيرة مرتهنة للتحالف الأمرو- صهيوني وبعضها خائن وبعضها الآخر متواطئ وبعضها الثالث متماهٍ.
لقد استُدل من الأحداث والوقائع المتسارعة ومن خلال التقارير التي تتداولها وسائل الإعلام العربية والعالمية بشكل متلاحق ومكثف منذ بضعة أيام أن المؤامرة الكونية الجهنمية هذه قد دخلت منعطفاً خطراً جداً مع بدء الولايات المتحدة الأميركية وشركائها بحشد الأساطيل البحرية والجوية والتهويل بالتدخل العسكري المباشر في ما يجري في سوريا.
 والمؤامرة الكونية القذرة هذه تستهدف في ما تستهدفه سوريا بأرضها وشعبها ومؤسساتها العامة والخاصة، أي أنها تستهدف سوريا الوطن تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً. وكانت ولم تزل تستهدف إسقاط النظام الحاكم في سوريا، وترمي إلى تجزئة هذا القطر العربي العظيم وتفتيته وتحويله إلى دويلات وكيانات وكانتونات طائفية ومذهبية وعرقية وثقافية، بغية تمهيد الطريق أمام هيمنة الكيان الصهيوني المجرم على الوطن العربي والمنطقة بأكملها كما أسلفت الذكر، في سياق تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كان قد خطط له المحافظون الجدد المتصهينون في واشنطن قبل عدة سنوات وحملته إلى العرب والمنطقة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية في أواخر الفترة الرئاسية الثانية للكاوبوي الأميركي الأرعن جورج بوش الإبن الرئيس الجمهوري السابق للولايات المتحدة الأميركية. 
لا شك أن نهج المقاومة والممانعة قد تمكن في السابق من إسقاط ذلك المشروع بضربتين قاضيتين عندما أنزل هزيمتين قاسيتين بالكيان الصهيوني إبان عدوان هذا الكيان الإرهابي على لبنان الذي بدأ في ١٢ تموز/يوليو ٢٠٠٦ واستمر أكثر من شهر وإبان عدوانه على قطاع غزة الفلسطيني بعد ذلك والذي بدأ في ٢٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٨ واستمر أكثر من ثلاثة أسابيع، وألحقهما بضربة قاضية ثالثة تمثلت بانتصار القطاع على هذا الكيان العنصري في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2012 بعد ثمانية أيامٍ من العدوان الصهيوني الذي فاق في ضراوته ووحشيته وبربريته العدوانين السابقين. 
وبالرغم من ذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية ومعها الكيان الصهيوني والغرب وبعض عرب اللسان يمضون في غيهم وعدوانيتهم ويعملون من جديد على محاولة إحياء ذلك المشروع، ويصرون بإلحاح عجيب وبعدوانية فجة ووقحة على تحقيقه من خلال مواصلة جميع أشكال وصور التآمر بما في ذلك ممارسة سياسة المدافع والقاذفات الصاروخية والتحريض ضد سوريا، مستقوين بتفوقهم العسكري، ومستقوين بنجاحات كانوا قد توهموا أنهم أنجزوها في بعض الأقطار العربية، كان أخرها إسقاط نظام العقيد معمر القذافي وتدمير ليبيا بشكل شبه كامل وإدخالها في آتون الفوضى العارمة التي اصطلح على تسميتها "الفوضى الخلاقة". وإذا ما قُيض لهم ان يحققوا ذلك، لا قدر الله، فإنه سيتوالى سقوط الأقطار العربية واحداً بعد الآخر، بدءاً بلبنان مروراً بالاردن والعراق ووصولاً إلى الخليج، بحيث يهيمن الكيان الصهيوني في النهاية على الوطن العربي ولا تقوم له وللعرب قائمة بعد ذلك !! 
لكن في ظل حقيقة تنامي نهج المقاومة والممانعة، وعلى خلفية واقعة المفاجأة الكبرى التي حدثت في مصر العرب والعروبة مع تجدد الثورة الشعبية فيها في 30 يونيو/حزيران الماضي فإن كل المؤشرات تميل إلى حتمية فشل العدوان العسكري المحتمل على سوريا، وفشل الذين يخططون له ويتأمرون ويتعاونون على تنفيذه أملاً في تحقيق مشروعهم، الذي ولد بالأصل ميتاً!!
وعلى خلفية الحقيقة الأولى والواقعة الثانية ومن منطلق الحرص على وحدة سوريا الوطن أرضاً وشعباً وجيشاً ومؤسسات وموقعاً في قلب الوطن العربي، وليس من أجل شخص الرئيس بشار الأسد أو مطلق شخص آخر بعينه أو النظامٍ أو الحزب الذي يحكم فيها، ولأن بوصلة ما يجري الآن تتجه إلى غير ما يُفترض وتتجه ضد مصلحة النهج الممانع والمقاوم في الوطن العربي بحيث تهدف إلى وأد القضايا العربية وفي مقدمها القضية الفلسطينية، نرى أن من واجب كل عربي يحمل الهم الوطني والقومي أن يحسم أمره ويصطف إلى جانب سوريا وشعبها البطل وجيشها الباسل  في التصدي الجدي والحازم للمؤامرة الكونية في منعطفها الأخير، ومواجهه المعتدين دون ما تلكؤ أو تردد !!
وقفة عزٍ وشرف وشجاعة لا بد منها في أسوأ وأحلك الظروف العربية التي ربما تكون أكثرها خطورة وصعوبة وتعقيداً في تاريخ الأمة العربية الحديث. وهي بالتأكيد ستكون وقفة مصيرية ضرورية وملحة يقتضيها الواجبان الوطني والقومي. لنناصر سوريا الوطن وننتصر لها لأن انتصارها في هذا الظرف المصيري هو انتصار لكل أشراف العرب وأحرار العالم ولأن سقوطها، لا قدر الله، سيكون سقوطاً للأمة والإنسانية.
بسم الله الرحمن الرحيم، إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون، صدق الله العظيم.
محمود كعوش
كاتب وباحث – كوبنهاجن
kawashmahmoud@yahoo.co.uk

CONVERSATION

0 comments: