هي أربع سنوات عجاف عاشها الشعب الفلسطيني جراء الانقسام الذي ضرب نسيجنا الوطني والاجتماعي والنفسي، لكنها انتهت وتنفسنا الصعداء وعبرنا عن ارتياحنا بانتهاء الكابوس الذي تغذى على لحمنا ودمنا، لكنة انتهى من الناحية الرسمية كما جاء على لسان أقطابه الذي سيوقعون في مصر الثورة حارسة الحلم الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير والعودة كحتمية لا نقاش فيها.
نعم: انتهى الانقسام وتم الاتفاق على التوقيع على وثيقة المصالحة وإجراء الانتخابات، لكن الشعب لا زال يعيش ثقافة الانقسام التي بحاجة إلى جهود جبارة للقضاء عليها وإرساء قواعد الديمقراطية التي غابت عن شعبنا الذي عاش قمع الحريات والموت البشع في الزنازين، ناهيك عن الآلاف الذين تعرضوا للتعذيب في زنازين الانقسام، إضافة لعمليات السحل في الشوارع، تلك العمليات الموثقة من قبل مؤسسات حقوق الإنسان والمواقع الاجتماعية.
لقد عاني الشعب الفلسطيني من المصطلحات الدخيلة على وحدته الوطنية، وهي أبجديات لا تنتهي بالتوقيع على ورقة المصالحة لأنها أرست لثقافة العنف والتعصب الفكري وإقصاء الأخر، ومن الجيد مسك الدفة التي ترشدنا إلى شاطئ الأمان من خلال التمسك بالمصالحة كهدف وليس كوسيلة أو تقسيم كعكة كما حدث في اتفاق مكة، لان القضية الفلسطينية اكبر من حسبة أمنية أو كوته سياسية فصائلية، فهي امن وأمان وكفاح من اجل الحقوق الوطنية الثابتة التي يعتبر الإنسان الفلسطيني مرتكز رئيس لها.
أمام قوى الشعب الفلسطيني مهمات صعبة ولكنها متاحة تتمثل في إرساء ثقافة جديدة قدر الإمكان، ولن تتعزز هذه الثقافة بجرة قلم أو بوصفة سحرية، لأنها تتعلق بكل فلسطيني عاني جراء الانقسام، وقد يكون من المفيد أن يخرجوا علينا ليعتذروا ن ما سببوه لنا من الآلام طيلة سنوات الانقسام، هذا الاعتذار الذي سيمهد للمصالحة الحقيقية مع الشرائح والعائلات والوطنيين الذي لا زالوا يقبعون في سجون الانقسام دون ذنب سوى أنهم ينتمون لهذا الفصيل أو ذاك.
هي مهمة مقدسة وواجب وطني تجاه أرواح ضحاياه الانقسام الهائمة، وهي قضية القضايا بالنسبة للذين اكتووا بنار الانقسام بساطير وعصي وقمع في الساحات العامة عندما نزلوا إلى الشارع يطالبون بحرية التعبير وإنهاء الانقسام، والاعتذار قد يطفيء النار المتأججة في قلوب أهالي الضحايا،والمصالحة السياسية لن تحقق هذا الهدف إلا إذا اقترنت بتحركات واسعة بعيدة المدى تعمل على معالجة الجرح الوطني.
ما أحوجنا إلى إنهاء المعاناة المتكررة لأبناء شعبنا الفلسطيني وخاصة الذين يعيشون الذل والرعب والمعاناة اليومية، فإنهاء الانقسام يعني إنهاء ملف الانفاف التي ابتلعت مئات الشباب الذي تحدوا الموت من اجل لقمة العيش، وإنهاء الانقسام يعيني الحياة الكريمة لعمال الحصمة في قطاع غزة الذين يواجهون الموت يومياً في سبيل رغيف الخبز، وإنهاء الانقسام يعني تعويض الأطفال الذين فقدوا أبائهم وتوفير عيش كريم لهم، وإنهاء الانقسام يعني إعادة العجلة إلى الوراء بإعادة الاعتبار للدستور الفلسطيني الذي يمنح الفلسطيني حرية الاعتقاد والتعبير.
إن المتغيرات في الوطن العربي من محيطة إلى خليجه تفرض نفسها على الواقع الفلسطيني، وما جاءت المصالحة إلا كنتيجة للثورات العربية التي جاءت نتيجة تراكمات أدت إلى انفجار لن يتوقف إلا بإحداث التغيير، ومن غير الدقيق أن نضع كفلسطينيين رؤوسنا في الرمل والقفز عن المشكلات القائمة وعلى رأسها ظاهرة الاعتقال السياسي، وبالرغم من تأجيل هذا الملف إلا أنة يعتبر من أولويات الشعب الفلسطيني، ومن المهم عدم ايلاء الاهتمام للموقف الإسرائيلي الذي يعمل على تعزيز الحالة الفلسطينية المنقسمة حتى بعد إتمام المصالحة والتوقيع في مصر الثورة عليها.
لقد ثبت وبالملموس إن الشعب الفلسطيني هو سيد الموقف رغم حالة الهدوء التي بشهدها الشارع الفلسطيني أو كما اعتقد البعض، والأكيد أن الشعب سيقول كلمته بالانتخابات التي تم الاتفاق عليها، ونتمنى أن لا يكون المشهد الجديد عبارة عن شعار تكتيكي لكسب الوقت مع القناعة الراسخة إلا المصالحة لا تأتي ضمن الفهم الميكانيكي للواقع، وفي اعتقادي أن هذه الفرصة لن تتكرر وسيدفع أصحاب الانقسام ثمناً كبيراً في حال عدم استغلالهم الفرصة وإعادة الاعتبار للشعب الفلسطيني بكافة شرائحه التي دفعت ثمناً كبيراً طيلة الأربع سنوات الماضية.
يا هل ترى ؟؟؟ هل ستنجح حركة المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها فتح وحماس إحداث المصالحة مع المتضررين من الانقسام؟؟؟؟ وهل توقيه اتفاقية المصالحة يتناقض مع الاعتذار للشعب كخطوة على طريق ترميم ما لحق بالشعب الفلسطيني؟؟؟ وهل نحن بصدد مرحلة جديدة تفتح الباب واسعاً أمام المحاسبة وملاحقة الفاسدين وقرار قانون من أين لك هذا على الأرض؟؟؟
0 comments:
إرسال تعليق