لماذا نحشر اسم تيمورلنك في مقال يتعلق بالسياسة الحالية على الساحات العالمية؟
تقول كتب التاريخ ان السفّاح المغولي تيمورلنك عندما اجتاح بغداد في النصف الاول من القرن الخامس عشر طلب من قادته العسكريين في احد الايام انه يريد تشييد اهرام من الرؤوس البشرية. امر القادة جيوشهم بتنفيذ اوامر السفاح فذهبت تلك الجحافل واحضرت سبعين الف رأس بشري في يوم واحد مما حوّل مياه دجلة الى حمراء من الدماء البشرية وامتلأت احياء بغداد بالجثث وروائح الموت.
بقيت تلك المجزرة وحيدة بوحشيتها وارقامها القياسية الى ان جاء جورج بوش الابن عام 2003 حيث قتل اكثر من مائة الف نسمة في بغداد وحدها خلال اول عشرين يوماً من الاجتياح كما اكدت بعثة «لانست» الاميركية - البريطانية عام 2004. ولن نكرر هنا الارقام الاخرى عن ملايين القتلى والجرحى والارامل والايتام والمهجرين.
وعندما خلف اوباما تيمورلنك الجديد ساد بعض الارتياح حول العالم لأن الشاب الاسمر الافريقي الاصل الذي يحمل اسم باراك حسين اوباما بعث بعض الامل في نفوس الذين حلموا دائماً بعودة الولايات المتحدة بصورة انسانية مقبولة الى الاسرة الدولية بعد ان باتت تمثل الغطرسة، الاجتياح، الحصار، العقوبات ومساندة التخلّف والظلم حول العالم.
اثار وصول اوباما الى رئاسة الدولة العظمى التفاؤل الخجول والحذر وارتفعت نسبة الامل عندما وجّه اوباما خطابه الشهير من مصر الى المسلمين والعرب مطالباً بفتح صفحة جديدة في العلاقات ترتكز على العدالة والتعاون الحقيقي واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها.
ولكن اوباما اجبر جميع الذين تفاءلوا بخطاب القاهرة على نسيان ما جاء فيه بعد خطابه الاسبوع الماضي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة حيث مثّل دور شاهد الزور ومشوّه الحقائق.
كاد الرئيس الاسمر ان يبكي ويذرف الدموع على المنبر العالمي وهو يتحدث عن اسرائيل المطوّقة بالاعداء الذين حاولوا ازالتها من الوجود اكثر من مرّة. وقال ان اسرائيل لا تريد سوى السلام مع جيرانها وتوافق على اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة.
ولم ينس اوباما اعلان تأييده لدولة اسرائيل اليهودية اي دولة دينية عنصرية وهذا يتنافى مع مبادئ الدستور الاميركي وجميع دساتير الدول المتحضرة. وكانت السيدة كلينتون وزيرة خارجيته توجهه الى درجة انه بدأ بحالة من المنافسة معها باتجاه «الصهينة».
منذ عدة اشهر تمكنت اجهزة اوباما من اغتيال اسامه بن لادن ممّا اكسبه شعبية اضافية والآن وبعد مزايداته على تطرف نتنياهو وتأمينه الدعم الصهيوني والصوت اليهودي في اميركا اصبحت الدورة الرئاسية الثانية مضمونة له في العام القادم وهذا كل ما يبغيه الرئيس الاسمر الذي فاز بامتياز فرح به عندما وجه اليه معمّر القذافي رسالة توجها بعبارة: «ولدنا العزيز باراك حسين».
لقد خيّب باراك حسين آمال الذين راهنوا عليه واملوا ان يكون افضل من سلفه تيمورلنك الثاني. لقد امر اوباما بسحب معظم قواته من العراق مرغماً بعد ان ادت تلك الحرب الى تدمير الاقتصاد الاميركي واغراق الخزينة الاميركية باضخم نسبة ديون في تاريخ الدول تجاوزت الـ 16 تريليون دولار وارتفاع نسبة البطالة الى اكثر من 11 بالمئة وافلاس اكثر من 900 مصرف ومؤسسة مالية وصناعية كبرى.
قال صحافي اميركي ساخر ان اوباما كان يطمح ان يزايد على سلفه بوش بالمغامرات العسكرية والاجتياحات ولكن فراغ الخزينة وتراكم العجز منعاه عن تحقيق احلامه.. ربما كان ذلك الصحافي الساخر على حق.
كيف اختلق الرئيس الاميركي اساطير الاخطار التي تهدد وجود اسرائيل ومحاولات جيرانها لازالتها من الوجود ولم يذكر او يتذكر حروب اسرائيل العدوانية واحتلالها لاراضي جيرانها وعمليات القتل الجماعي ضد قرى وبلدات لبنان وضد مخيمات رام الله وغزه؟
ويحرص اوباما ومساعدوه ومثلهم الرئيس الفرنسي ساركوزي على مطالبة لبنان الالتزام بالقرارات والشرعية الدولية... فقط لبنان مسؤول عن الشرعية الدولية... انه لشرف عظيم ان يكون لبنان الدولة الوحيدة التي تنادي باحترام القوانين.
ونختم بسؤال عادي مثير للحزن والأسى وهو: كيف كانت ردة الفعل العربية على تجاوزات اوباما؟ هل ردّ مسؤول عربي واحد على شهادات الزور الاوبامية؟.. لقد رفض اوباما لقاء اي زعيم عربي خلال انعقاد دورة الأمم المتحدة وهذا اقل ما يستحقه هؤلاء.
0 comments:
إرسال تعليق