من الذى أسقط النظام؟/ مجدى نجيب وهبة

** تبارى العديد من المفكرين والإعلاميين والمسئولين والمعارضين .. كلا يؤكد أنه صاحب الريادة فى إسقاط النظام .. إنطلق المفكرين بتصريحاتهم بأنهم أول من كتبوا للثورة على النظام والإطاحة به .. وهناك بعض الإعلاميين الذين كانوا لهم أفكار وأجندات تخريبية إنطلقوا بأنهم لهم الفضل فى إسقاط النظام .. هناك بعض السادة والمسئولين فى مواقع عديدة والبعض منهم قد إستبعد لأسباب لم تعلن وربما قد عرفنا بعض منها ، عادت وجوههم للظهور الإعلامى ليغسلوا أيديهم من النظام ويعلنوا بأنهم رفضوا الإنضمام إلى النخبة الحاكمة بسبب فسادها ، كما أن هناك بعض المعارضين من شيوخ الفتنة والإخوان وقضاة تم إحالتهم للتقاعد بسبب ميولهم المتطرفة وجذورهم الطائفية .. عادوا مرة أخرى للظهور الإعلامى بل وتسابق القنوات المصرية والفضائية لإستضافتهم ليصولوا ويجولوا فى أسانيدهم القانونية ، بل أن أحدهم عين ضمن ما تسمى "لجنة الحكماء" لإقرار الدستور وتعديل بعض بنوده ... إنطلق كل هؤلاء وقد تناسوا ماضيهم فى مساندة التطرف والإرهاب ، فالجميع غسلوا أيديهم من ماضيهم الأسود ولم يتذكروا إلا الظلم الذى طالهم حينما إدعوا أنهم طالبوا النظام بالمساواة والحرية والعدل ، هذا ناهيك عن أحزاب المعارضة التى تعلم ويعلم الجميع بعدم مصداقيتها وإلتحامها بالجماهير وعدم وجود أى رؤية سياسية لهم ، فهم يعارضون للمعارضة فقط فى الإعلام والفضائيات ، ولكن فى الخفاء هم عبيد للنظام .. كما أن هناك بعض الفنانين الذين خرجوا فجأة من مخابئهم وإندسوا وسط حشود الشباب وهم يهتفون بسقوط النظام .. رغم أن هذه الفئات لا تعانى من أى مشاكل إجتماعية أو معيشية فهم يحصلون على الملايين ويسكنون الأبراج ويتاجرون بمشاكل الفقراء والبسطاء ليس من أجل حل هذه المشاكل ولكن لجعلها مادة للعرض السينمائى والتربح من خلالها ، فمثلا وجدنا مخرج سينمائى بدأت أفلامه تعرف طريقها على شاشات العرض يندس وسط الحشود فى ميدان التحرير ومعه نخبة عديدة من الفنانين ليست لهم أى مشاكل حياتية سوى التخمة من جمع الأموال وحضور الحفلات للسادة المسئولين .. فنجدهم مدعون إلى جميع حفلات أبناء رجال الأعمال والمشاهير بل وتكرمهم الدولة فى مناسبات عديدة وهم يسبحون بحمد الله وشكر النظام .. وجدنا مخرج فيلم "حين ميسرة" وهو يقود المظاهرة وتحول فجأة بين يوم وليلة إلى زعيم ثورجى .. إنطلق كل هؤلاء يسعون لشاشات الإعلام كلا يقول "أنا البطل .. أنا صاحب الفضل فى إسقاط النظام" ، هذا بجانب بعض رؤساء التحرير لعديد من صحف المعارضة والصحف الخاصة سوف تجدهم نجوما لعديد من الحفلات الصاخبة لكبار سادة الدولة وهم يتحسسون أماكنهم للتعرف عليهم بدعمهم للإعلانات أو التبرعات المادية والأمثلة كثيرة وهم يعرفون أنفسهم .. هذا ناهيك عن الشباب العظيم الذى خرج بتلقائية وعفوية يوم 25 يناير للتظاهر .. ولم تكن مطالبهم إلا "عدالة – حرية – إصلاح" ، ثم أعقبها إنضمام مجموعات عديدة من الشعب والأحزاب والإخوان وأصحاب المصالح الخاصة وأصحاب المصالح الثأرية .. نعم سقط النظام ولكن لم تسقط الدولة ، هناك من طالب بسقوط النظام باعتبار ذلك هو سقوط للدولة حتى تتحقق مصالحهم وأهدافهم الدنيئة .. دعونا من كل ذلك وهذا ودعونا نبحث عن الوجوه الحقيقية لسقوط النظام ..

• الوجه الأول – رئيس الدولة "حسنى مبارك" :

** ساهم رئيس الدولة بقدر كبير فى إسقاط النظام .. ثلاثون عاما ونحن لم نرى أى لحظة أمل .. تدهورت أحوال المصريين الإقتصادية .. أجاد فن صناعة الخطاب وإدعاءه إنحيازه للغلابة من خلال بعض كلماته القليلة التى كان يلقيها فى بعض خطاباته فى المناسبات القليلة جدا .. وكان يسبق خطابه تصريحات إعلامية عبر الصحف القومية والإعلام المصرى بإلقاء السيد الرئيس خطاب سياسى هام .. يتضمن الأحداث الجارية .. وننتظر ثم ننتظر ثم ننتظر ... ويأتى الخطاب كلمتين وبس ، لا يشفى غليل التعساء والفقراء وربما تكون أحداث جسيمة قد تعرض لها المجتمع فى الوقت السابق لإلقاء خطابه ، ويتوقع الكثيرون بأنه سوف يتعرض لهذه المشاكل أو هذه الوقائع التى يمر بها الوطن وبالتالى سوف يضع الحلول الجذرية لها .. ولكن تأتى الريح بما لا تشتهى السفن .. فلا الخطاب له معنى ولا يتعرض لأى أحداث وكأنه يعيش فى كوكب أخر بعيدا عن الوطن أو فى دولة نيكارجوا وليس زعيم مصر مطبقا المقولة العامية "تحب تتعشى ولا تنام خفيف" .. أما بقية خطاباته فهى تتناول أرقام بالملايين تم دفعها فى مشاريع البنية التحتية التى ظل النظام يعايرنا بها حتى هذا اليوم .. حتى إنك تخال عندما تسمع خطاب السيد الرئيس تهم بدفع بضع الجنيهات التى تتحصن بها ضد الزمن للمساهمة فى تحمل هذه النفقات ... تعرض أقباط مصر لكثير من الأحداث الجسيمة والإرهاب المروع وسقط ضحايا كثيرين وظل رئيس الدولة صامتا .. لم يدين سوى حادث إرهابى واحد ضد الأقباط منذ توليه الحكم وهو حادث الجريمة الإرهابية والطائفية لكنيسة القديسين بالأسكندرية .

** كانت خطاباته غريبة وهو يدين الإرهاب سواء كان الإرهاب ضد الأجانب أو ضد الأقباط ، ونحن نتذكر أشهر هذه الجرائم الإرهابية .. ما تم فى مذبحة الأقصر بالدير البحرى 1997 وراح ضحية هذه الأعمال الإجرامية 66 سائحا عادوا إلى أوطانهم فى توابيت .. لم يقل سوى كلمتين "أن مصر تدين هذا العمل الإجرامى وأن الإرهاب لن ينال من هذا الشعب وسوف نتعقبه ونقضى عليه" وللأسف لم يتعقبه ولم يقضى عليه ، بل كل ما فعله أنه أقال وزير الداخلية .. وحدثت جرائم إرهابية عديدة بعدها وخطابه لم يتغير ، بل أن جميع الوزراء السابقين للداخلية ساروا على نهجه فى التعامل مع الإرهاب والأقباط .. لم يسمع أنات شعبه ولا أهاته ولا مشاكله .. عاش فى برج عاجى وترك مصير الأمة والشعب فى أيدى حفنة من اللصوص .. لم يشعر رجل الشارع والمواطن البسيط بأى تحسن فى حياته ، وسقطت أقنعة الشرف والفضيلة لتحل محلها الرشوة والفساد ... إختفت الصناعات المصرية وحلت محلها الصناعات الخارجية ، تحولنا من دولة مصدرة للقطن والقمح وبعض الصناعات الكثيرة إلى دولة مستوردة لكل شئ حتى زجاجات المياه .. تحولت قلوع عديدة من الصناعات إلى أشباح وكهوف .. لم نعد نسمع عن مصانع المحلة أو شركات الأدوية العملاقة بل أصبحنا نستورد كل شئ وخصخصت كل المصانع والشركات ، وتحمل المواطن البسيط كل هذه التحولات وهو يئن من الفقر والجوع ، وإنحنى ظهر الرجال وأصيب الكثيرون من الأمراض التى ما كنا نسمع عنها إلا فى النادر ، تحول هؤلاء المواطنون إلى ألاف ممن أصابهم السرطان والفشل الكلوى والوباء الكبدى بل أن بعض المرضى لم يجدوا فرصة للعلاج وتركوا دنياهم وهم يصرخون لماذا لم تعالجونا ؟ ...

** ألام وأحزان أصابت الجميع .. تحول الضحكات إلى توجس حتى صرنا نسمع عند صدور ضحكات البعض أقوالهم "اللهم إجعله خير" ، أصابت وجوه الجميع العبس والإكتئاب وصار كلا يتحفز للأخر ، تضخم طابور البطالة حتى صرنا نجد جرسون يعمل بأحد المقاهى حاملا بكالوريوس تجارة أو ليسانس حقوق ... ألغيت قوانين عديدة كانت تدعم إستقرار المواطن وعائلته وأكثرها قوانين الإسكان وتحول المجتمع إلى فلسفة من يملك يسكن ومن لا يملك يبحث عن أحد المقابر للإقامة بها ، وزادت طوابير العنوسة وجرائم الإغتصاب .. إنه أقل من القليل ، ألا يكفى هذا لسقوط النظام ومحاكمة رئيسه ..

• الوجه الثانى – وزير المالية "بطرس غالى"

** لم أجد وزير يتفنن فى إذلال المواطن المصرى وتجويعه مثل هذا الوزير الكاره والحاقد على كل الفقراء والبسطاء .. لقد أذل هذا الوزير الشعب وتجرأ عليه وفتح أبواب السجون لمن يفكر أن يعارضه أو يتهرب من الضرائب المجحفة التى يفرضها على معدومي الدخل .. ومن المضحكات المبكيات أنه يظل يردد كالبغبغان هو والسيد رئيس الدولة بأنهم ينحازون لمحدودى الدخل .. ترك بطرس غالى الحيتان والقروش تأكل الأسماك الصغيرة دون رحمة ، لقد إنتزع الرب من قلبه الرحمة وأطلق زباينة وموظفى الضرائب كالكلاب المسعورة على الشعب ينهشون فى أرزاقهم دون رحمة .. ولم يرحم فقير أو معدم أو بسيط .. لست أطالب بإعدام هذا الوزير ولكنى أطالب بتعليقه فى مشنقة فى ميدان عام وتركه حتى يذوق ما فعله بالفقراء والمعدمين .

• الوجه الثالث – وزير الداخلية "حبيب العادلى"

** أسوأ وزير للداخلية عرفته مصر منذ قيام الثورة .. تقمص دور رئيس الشرطة السيد بدران وهو ما عرضته السينما المصرية فى فيلم "أميرالإنتقام" يعبر عن زمن الوالى ... لم تشاهد مصر أسوأ من هذا الوزير فقد ألغى شعار "الشرطة فى خدمة الشعب" وجعل الشعار "الشرطة والشعب فى خدمة الوطن" ، كتبت أكثر من مقال فى عديد من الصحف المصرية وأنا أتساءل ما معنى هذا الشعار الغريب ، وإذا كانت الشرطة والشعب فى خدمة الوطن فأين هو هذا الوطن وإذا كان الشعب فى خدمة الوطن فمن يخدم الشعب ويرعى مصالح ويسهر على راحته ... شعار غريب ولكن تحقق معناه بعد أن بات الشعب فى تعاملهم مع الشرطة كالعبيد .. دعونا من الحديث عن المجرمين بالفطرة وهو ما يوجب على جهاز الشرطة التعامل معهم بكل حزم ، إلا أن تعليمات السيد وزير الداخلية الأسوأ هو إرهاب المواطن الشريف وإذلاله وهو ما حدث فى تعامل الشركة مع الشعب فهل يعقل إذا ذهب مواطن بتحرير محضر إصابة سيارة أن يتم حجزه بالقسم ووضعه داخل غرفة الجحز التى تضم المجرمين وأرباب السوابق وتوضع الكلبشات فى معصمه حتى يتم عرضه على النيابة المختصة ويتم زفه فى سيارة الترحيلات وأيديه مكبلة بالأغلال .. ربما يكون دكتور ، ربما يكون محاسب أو تاجر .. ربما يكون موظف شريف .. هذا لا يهم فالشرطة تنفذ تعليمات أسوأ وزير الداخلية .. هل يعقل أن يكبل أى مواطن بالأغلال بمجرد دخوله القسم وتحرير محضر ويزعمون أنها الديمقراطية وأن النيابة صاحبة القرار .. هل يعقل أن يفاوض أمين الشرطة بعض الشرفاء المحبوسين بالأقسام وأن يكون التحرر من الأساور المكبلين بها مبالغ تصل إلى مائتين جنيه وأن إستخدام دورات المياه داخل القسم يتم دفع مبالغ تصل إلى عشرة جنيهات للمرة الواحدة .. وأن زجاجة المياة داخل القسم بعشرة جنيهات ، وأن الكلام مع مندوب الشرطة يكون بمنتهى الأدب والإحترام ، حتى لا يضطر إلى الإساءة فى معاملتهم ، وإذا كان الحوار مع مندوب الشرطة كذلك فما بالك بالسيد اللواء أمين الشرطة وما بالك بالباشا ضابط الشرطة ..

** نعم إنه أسوأ وزير للداخلية أذل الشعب ومارس كل أنواع البلطجة والإرهاب ، وبدأ بزوغ سلطة مكتب مباحث أمن الدولة فى التعامل مع الملف القبطى دون مراعاة لأى إجراءات أوتحقيقات أو معرفة أسباب الشكوى .. فيكفى الذهاب للقسم وأنت مسيحى حتى يتم إحتجازك وعرضك على أمن الدولة لتهان كرامتك وتضرب وتظل بالحبس حتى تتنازل عن شكواك وتعود مقهورا إلى مسكنك ...

** جرائم تحتاج إلى ألاف من الصفحات والمقالات وأملك منها الكثير وسوف أقوم بنشرها تباعا لفضح هذا الجهاز الذى خرج عن باكورة أبيه ليخرج ضد الوزير مطالبا بمحاكمته وكأنهم هم حملات وديعه ، نعم هناك بعض القيادات الشريفة وهناك بعض الضباط الشرفاء ولا نستطيع أن نتغاضى عن تضحيتهم فى حماية أمن الوطن والمواطن ولكن هناك الكثيرون ممن أساءوا لهذا الجهاز العظيم وهو ما يوجب محامتهم مثلما يتم محاكمة هذا الوزير المخلوع .. هل يتصور البعض أن فى بعض الأقسام من الأمناء والضباط يقوموا بالإستعانة ببعض الخارجين على القانون والمتواجدين بالأقسام بصفة دائمة بتحريضهم داخل الحجز على بعض المواطنين الذين يتم إحتجازهم على سبيل بعض الإتهامات أثناء عرضهم على النيابات لإذلالهم وتعرض حياتهم للخطر ... ألا يحق إعدام هذا الوزير على تهمة خيانة الوطن وتعرض أمنه للخطر فى الأحداث الأخيرة دون الحاجة إلى فتح ملفاته السابقة .

• الوجه الرابع – وزير الصحة "حاتم الجبلى"

** هو أبشع وزير تاجر بأمراض المواطن البسيط حتى تحول المبدأ إلى من لديه أموال يمكنه العلاج ومن ليس لديه أموال ينتظر الموت حتى يأتيه ، بل أن بعض المستشفيات لا تستحى وهى تقوم بطرد المريض إلى الشارع إذا توقف على سداد جزء من مصاريف العلاج ... هذا الوزير جعل المستشفيات تدار بلا رحمة .. سقط الكثيرين وهم لا يجدون ثمن الدواء وكانت أخر قرارته إلغاء العلاج المجانى على نفقة الدولة .. وسمعنا أرقام مخيفة بأن هذا العلاج يكلف ميزانية الدولة مبالغ طائلة .. نعم إنه أبشع وزير قام بالترويج لما يسمى بأنفلونزا الطيور وذلك بهدف الترويج لبعض الأمصال المستورده بملايين الدولارات والفاقدة للصلاحية ، رغم أنه ليس هناك ما يسمى أنفلونزا الطيور ، وقام على إثر ذلك بإعدام ملايين الطيور الحية وتدمير هذه التجارة بدعوى الحرص على صحة المواطنين ، ولم يكتفى هذا الوزير بذلك بل وجدها سبوبة رابحة فقد أطلق بدعة أخرى وهى أنفلونزا الخنازير وظل كل لحظة يطلق بيانات وتصريحات وكما حدث من مأساة فى تعامله مع الطيور تكرر ذلك فى تعامله مع الخنازير ، بل كان التعامل أكثر مما يتخيل أى إنسان فقد أخذت هذه القطاعات من الخنازير وألقت فى مدافن صنعت لها من الأحجار الجيرية وهو ما أدى إلى تشرد ألاف من الأسر والمواطنين الذين قطعت أرزاقهم بدعوى حماية المجتمع من هذا المرض .. والكثير والكثير الذى يعجز القلم عن شرحه ... ألا يستحق هذا الوزير أقصى درجات العقاب وأن ينال جزء بسيط مما أذاقه للشعب ...

** نعم هناك الكثير وأكتفى بهذا القدر على أن نواصل فى المقالات القادمة .. تضليل بعض الكتاب ورؤساء التحرير المنافقين الذين أهالوا التراب على هذا النظام وإندسوا فى موجة الثوار وهم فى الواقع لم يكونوا إلا منافقين للسلطة والنظام .. أما الذين يعتقدون أننى أتباكى على هذا النظام الفاسد فهم لم يقرأوا مقالاتى جيدا .. ولم يفهموا مقاصدى من الكتابة ولكن خوفى هو على الوطن وما يحيك حوله من مؤامرات يبدأ طبخها من البيت الأبيض حتى دول الخليج لإسقاط هذا الوطن هو الذى جعلنى أدافع عن شرعية الوطن وليست شرعية النظام .. أرجو أن تكون كلماتى تحوز فهم البعض ... حماك الله يا أرض مصر وحمى ترابك من الخونة والإرهابيين .