العبودية العقلية!/ عـادل عطيـة


من ذاك الذي يطالب بالحرية، بينما عقله مكبّل بالاغلال، وما أكثرها؟!...
اغلال الألقاب الطبقية من قبيل: "بك"، و"باشا".. مع انها ألغيت بقيام النظام الجمهوري!
وأغلال الخضوعية، إلى أنظمة فاسدة، أذاقتنا عذابات قاسية في جسدنا، ونفسنا، وشرفنا، وواجهتنا بالنهاية الأرضية في موت احباء لنا... إلى درجة نهم الحنين الشديد إليها، ومناصرتها، ودعمها، في محافل العدالة، والقصاص!
وأغلال الكراهية المطلقة لكل آخر، إلى مدى الاعتداء على حياة الآخرين، وعلى مقار البعثات الدبلوماسية، بقوة وعنف؛ ممزقين ومخترقين شهامة حماية الضيف ولو كان عدواً سبق واستأمنا على نفسه في دارنا، وعلى أرض عريقة التاريخ، والاصالة، والصبر، مثل مصر!
ان كل ماحدث في ثورة الخامس والعشرين من يناير، انهم قبضوا على أول حرية قابلتهم، ومارسوها بهمجية، وكأن الحرية ستخرجهم من حساباتها، ان لم يتصوروا ان الطريقة الوحيدة للتقدم في حريتهم هي هزيمة كل شيء أمامهم!
ياليتنا نفهم أن "حقائقنا الخاطئة" عن الحرية، والتي اصبحت جزءاً من تفكيرنا، وشعورنا، وافعالنا، وردود أفعالنا، قد شوّهت وحرّفت ادراكنا الصحيح ، فسلكنا بها المسار الخطير، حتى كادت عجلاتها الطاحنة أن تسحق الوطن بما فيه من بشر، وشجر، وحجر.
علينا ألا نبالغ في مخاوفنا، والتأكيد على اننا ما زلنا ضحايا، وانما مشاركون في صنع حياتنا والعالم من حولنا. وأن نتخلى عن عبادة الحرية المُزيّفة، والاتكال على شفاعتها أكثر فأكثر، محترسين من قوتها، ومن الجني الكامن بداخلنا، فالقوة مسئولية، تذكرنا بواحد من الأقوال المشهورة المذكورة في أفلام "الرجل العنكبوت" الحديثة، هي قول العمّ "بن" لابن أخيه "بيتر": "مع القوة العظيمة تأتي المسئولية العظيمة".
وقد بزغت المسئولية العظيمة؛ لكي نتحرر من عبودية العقل، وعقل العبودية!...
**
الطفـل والطبيـب
قصة حقيقية، يستعيدها: عـادل عطيـة

دُعي طبيب أمريكي لتوليد سيدة، تعاني من ألم المخاض، ومن ألم الفراق؛ لأن زوجها مات منذ أيام قليلة، تاركاً لها اثني عشر طفلاً.. والطفل القادم سيكون الطفل الثالث عشر.
أثناء توليدها، رأى الطبيب أن ساقي الطفل القادم ليسا متساويين، فتردد لحظة في أن ينقذ الأم من رعاية طفل معوّق، وينقذ الوليد من سخرية زملائه في المستقبل في المدرسة.. ولكنه أخيراً قرر أن يعطي الطفل فرصة الحياة.. وقبل أن ينصرف رفض أن يتقاضى أجراً على مجهوده في ولادة الطفل.
قدّرت الأم صنيع هذا الطبيب، فأطلقت اسمه على وليدها المعوّق.
مضت سنوات على هذه الولادة، نسى فيها الطبيب المولّد ما حدث.
في يوم من الأيام، حدث أن حفيده أصابه مرض نادر في عينيه.. عرف في بحثه عن العلاج أن الطب لم يجد له بعد الدواء .. لم ييأس في هذا السبيل إلى أن سمع أن هناك طبيب عيون اكتشف علاجاً لهذا المرض.. المدهش في الموضوع أن اسميه الأول والثاني كانا يشبهان الاسمين الأول والثاني لحفيده.. والمدهش أكثر أنه وجد أن ساقي طبيب العيون العبقري ليسا متساويين!...

CONVERSATION

0 comments: