حصيرة القلوب واسعة/ فاطمة الزهراء فلا‏

الحصيرة هي سجادة الغلابة , وقياس الفلاحين ..ففي ريف مصر يطلقون علي الحصيرة قياس , والقياس يلم ويفرد عند الحاجة , ولحظة فرد القياس معناها إعلان انتهاء الجميع من العمل في الدار , فالنساء حلبن البهائم , ونزحن الحوض الطافح بالماء , وغسلن المواعين , وطهون الطعام في الحلل الكبيرة ثم غرفنه في أطباق العشاء ليتناوله الجميع في سعادة , بعدها تكركر الشيشة في أيد الرجال ويعلو صوت التليفزيون معلنا بدء المسلسل والشاطر من يجلس علي القياس.لكن سؤال يلح علي رأسي ..هل للقلوب حصيرة ؟ والإجابة بالتأكيد , فالقلب الكبير الممتلئ بالحب يتسع لحصيرة واثنين وثلاثة , لكن القلب الأسود الحاقد لا يتسع لشريط عرضه 5سنتيمتر ...من هنا كانت حصيرة القلوب في الريف أوسع منها في المدينة , فالأرض البراح والسريس الاخضر , والجبنة القريش تجعل القلوب دائما طازجة تنبض وتتحرك في راحة وسعادة وبراح , وهذا ما غناه عبد الوهاب قائلا :ما احلاها عيشة الفلاح ..يتمرغ علي أرض براح , وعندما غنت شريفة فاضل للفلاح في دلال :فلاح كان فايت بيغني من جنب السور ..شافني وانا باجمع كام وردة في طبق بنور ...قطع الموال وضحك لي وقال يا صباح الخير يا اهل ابندر ...ياصباح النور.


زمان كان الفلاح عاشقا لأرضه يعيش في سعادة ويلعن عواد الذي باع أرضه فكأنما فرط في عرضه وما أدراك حين يفرط الفلاح في الأرض؟ لكن اليوم ماذا حدث له؟أعجب بالبندر وبنات البندر , ونادته وهيبة فعشقها ودار معها في الموالد , وحينما نفذ ماله نام في خرابة ومد يده ليتسول الرغيف , فضاعت حصيرة قلبه وتهلهلت وتلملمت ولم تفرد مرة ثانية ..أصبحت الحصيرة تقف وحيدة وسط الدار أصابها الهم والجوع .


وضاعت الحصيرة ونافستها السجادة عيني عينك بل وطردتها من الدار, أصبح الفلاح لايغني بل يحارب من أجل الهجرة من مصر , وحينما قامت ثورة يناير هلل فرحا وقال فرجت بلدنا رجعت لينا تاني , لكن للأسف مصر تزداد لصوصا وبلطجية , وصراع بين الثوار وجماعات آسفين ياريس وبين الاثنين ضاع الشعب المغلوب علي أمره وسأل نفسه متي تعود مصر هادئة مستقرة بلا لصوص ؟..كم من الوقت سيمر وكل صباح يحمل لنا هما جديدا فبتنا بلا قلوب وبلا حصائر نفرشها في الصيف ساعة السمر..

CONVERSATION

0 comments: