وعليه قسْ!/ بروفسور سليمان جبران


مهما تشاطر نظام الشبيحة الأسدي، ومهما ردّد "القوميون" والأغبياء أسطوانته المشروخة حول نشاط "العصابات المسلحة" في المدن السورية ، فالحقيقة لا يمكن إخفاؤها، وفي عصرنا هذا بالذات. مشكلة النظام البعثي أنه ما زال يعيش في الماضي، مثل كثيرين بيننا أيضا، في الثمانينات على الأقلّ. لذا، يتوهّم الرفاق العقائديّون أن الجريمة التي اقترفوها في حماة عام 1982، في تعتيم مطبق، يمكن أن يمرّروها في هذه الأيام أيضا. باختصار، ما زال السادة في دمشق عائشين في الماضي، لا يتغيّرون ولا يتبدّلون، بل لا يفقهون أصلا أن الحياة تسير إلى الأمام دائما، تاركة وراءها المتخلفين يتساقطون كالذباب!
أسطورة المسلّحين المذكورة دحضها الثوار طبعا، مؤكدين أن الشهداء من أفراد الجيش هم أيضا ضحايا الشبيحة، إذ يُجْهز هؤلاء على كلّ من لا ينصاع لأوامر إطلاق النار على المتظاهرين المكشوفي الصدور. كثيرون من الإمّعات المعطّلي التفكير لم يصدّقوا رواية الثوار طبعا، وهي رواية غريبة فعلا في بلد عادي ونظام عادي. لكنّ سورية، في ظلّ البعث وكلابه المنتفعين، غدت بلاد العجائب والغرائب دون منازع!
في هذا الأسبوع، على كلّ حال، اتّسع الخرق على الراتق، أو بأسلوبنا: تبيّن أن الكذب حبله قصير. ففي يوم الأربعاء، 31/8/2011 ، تناقلت المواقع الإلكترونية، وبعدها قنوات تلفزيونية كثيرة، شريط فيديو أعلن فيه النائب العامّ في حماة، المحامي عدنان محمد بكور، استقالته من جهاز القضاء، وأسباب هذه الاستقالة أيضا. لم يعدْ هذا القاضي الشهم يحتمل ما ترى عيناه وما تسمع أذناه؛ طفح الكيل فلم يجد مناصا من الاستقالة وفضح جرائم النظام وأكاذيبه. ذكر السيد بكور أن أكثر من 70 جريمة قتل نفذها النظام في سجن حماة المركزي، وكان بين القتلى متظاهرون سلميون وناشطون سياسيون؛ 420 جثة دُفنت في مقابر جماعية في الحدائق العامّة، وحوالى 320 معارضا توفوا تحت التعذيب. وإذا كانت هذه الجرائم لا تكفي، فقد طلب رجال النظام من السيد بكور أن يشاركهم دجلهم أيضا، فيصرّح بأن الشهداء قُتلوا بيد مسلّحين!
الأغرب في هذه القصّة ما كان من ردّ النظام على استقالة بكور وتصريحاته. فقد أذاعت وكالة الأنباء السورية الرسمية "ناسا" أن السيد بكور اختطفته عصابات مسلّحة منذ 29 آب/ أغسطس، حينما كان في طريقه إلى مكان عمله، وأرغمته على التصريحات المذكورة مكرها. ولإثبات روايتها جاءت السلطات بسائقه ليؤكّد عملية الاختطاف بنفسه – شاهد عِيان يعني! لكنّ المحامي الشجاع ظهر في شريط جديد كذّب فيه مسرحية اختطافه، مؤكدا أنه في حماية الثوار، وأن في جعبته الكثير من الوقائع سيذيعها على الملأ فور مغادرته سورية إلى خارج البلاد قريبا.
ألم نقلْ لكم إن سورية في ظلّ البعث غدت بلاد العجائب والغرائب؟ على كلّ حال، هذا ما حدث للنائب العامّ عدنان محمد بكور، وعليه قسْ!!


jubrans3@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: