الأسد الصغير في عيون بعض القوميين..!!/ محمد فاروق الإمام

مصادفة وقعت بيدي صحيفة المجد الأردنية الصادرة يوم الاثنين 5 أيلول، فرحت أتصفحها دون أي فكرة عن خلفية القائمين عليها أو من يكتبون فيها، فأثار انتباهي هذه العناوين الاستفزازية التي تصدرت الصفحة الأولى: (العروبيون في فلسطين يعلنون الوقوف لجانب القيادة السورية)، (الفنانة رغدة: أقف مع الأسد والقذافي ومستعدة للتحالف مع الشيطان ضد حلف الناتو)، (معارضون سوريون وليبيون يعلنون استعدادهم للاعتراف بإسرائيل).
وفي الصفحة الثانية: (المناضل ناجي علوش يدعم ويتفهم مواقف الرئيسين بشار الأسد والقذافي)، ومما قاله علوش: (فأنا مع القذافي ضد المجلس الانتقالي، ومع الحكومة السورية ضد القوى التي تصارع على السلطة وعينها إلى الخارج تنتظر المساعدة الخارجية)، ويقول: (إن الدول، وحسب القانون الدولي، تتمتع بحق شرعي بالدفاع عن أمنها، وعندما يقوم رعاع أو مأجورون بحمل السلاح ضد الدولة فإن من حقها أنها تدافع عن نفسها، لأنها صاحبة الشرعية في حفظ الأمن).
وفي الصفحة الثالثة (التيار القومي في رابطة الكتاب يدين الهجمة الضارية على سورية)، وقال التيار في بيان صدر عنه مؤخراً في عمان: (إننا نعتبر أن الهجمة على سورية لا علاقة لها بمشروع ديمقراطي أو بحقوق الإنسان، لأنها تستهدف خيارات سورية الإستراتيجية في احتضان المقاومة)، ونبه التيار في بيانه إلى (أن من يهاجمون سورية يتحالفون مع أعداء الأمة علناً، ويتلقون الدعم منهم بكل أشكاله، وبالأخص يحظون بغطاء سياسي إمبريالي واضح، وبتغطية إعلامية محابية)، وأضاف التيار في بيانه قائلاً: (إن خطاب من يهاجمون سورية، وشعاراتهم، ومواقفهم المعلنة على شاشات التلفزة، لا تعبر عن موقف سياسي أرقى من موقف القيادة السورية تجاه أعداء الأمة)، وينبه التيار إلى أن (من يهاجمون سورية يتجاهلون كل دعوات الإصلاح والحوار التي أطلقتها القيادة السورية، ويوغلون في ارتكاب الجرائم الدموية ضد عناصر الجيش وحفظ النظام، وفي تدمير مؤسسات الدولة، وفي الهجوم عسكرياً على المراكز الأمنية).
أما العروبيون في الأرض الفلسطينية، كما نقلت عنهم الجريدة فإنهم يعتقدون (أن الهدف من إدارة هذه الهجمة على سورية هو إجهاض مسبق للمشروع القومي العربي، مخافة أن يتطور ببعديه الجديدين اليوم، وهما قوى المقاومة المسلحة على الأرض، والحراك الشعبي العربي من الأرض).
وفي الصفحة الخامسة (المسلحون السوريون يتدربون في الأردن) بحسب تصريح إبراهيم طالب الذي عرفته الجريدة بالباحث السوري، جاء فيه: (إن الأحداث في سورية مفتعلة من الخارج حيث تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية عبر تدريبها للمسلحين وإرسالهم من العراق، إلى جانب مشكلة المسلحين القادمين من لبنان والذين تمولهم السعودية والإمارات وقطر وتركيا، ويتم تدريبهم في الأردن والسعودية).
وفي الصفحة التاسعة كتبت إنصاف قلعجي مقالاً تحت عنوان (دفاعاً عن سورية الحبيبة): (لقد مللنا الاسطوانة المشروخة التي تبثها القنوات العميلة للغرب من أجل تدمير سورية وإلحاقها بالعراق، من أن النظام السوري يرتكب جرائم ضد شعبه، وأنه وأنه)، وتختم مقالها قائلة: (تنشط المعارضة العميلة للغرب التي وعدت أن ترفع العلم الصهيوني فوق دمشق).
وفي الصفحة العاشرة كتب السيد خضر عبد الله حسين مقالاً تحت عنوان (ارفعوا أيديكم عن سورية) ومما جاء فيه (إنني أستغرب وقوف بعض كتاب الأعمدة في الصحف الأردنية إلى جانب أمريكا وإسرائيل، والنيل من النظام في سورية).
وفي الصفحة الحادية عشر نقلت الجريدة عن الفنانة السورية رغدة قولها (إنها مستعدة للتحالف مع الشيطان وأي حاكم عربي دكتاتوري يقف في مواجهة حلف الناتو وإسرائيل والولايات المتحدة) ودافعت عن الجيش السوري وقالت (إنه لم يقتل المتظاهرين وإنما ذهبت دباباته لحماية الريف السوري)، و(إن الرئيس السوري يسير على نهج والده الراحل حافظ الأسد، الذي وضع سورية في مكانة تليق بها).
لا أريد التعليق على ما جاء في جريدة المجد من عناوين ونتف من مقالات لبعض كتابها وأترك ذلك لذهنية القارئ الذي بات متقدماً على كل هؤلاء الكتاب والمفكرين القوميين، وهو يدرك بحسه الأخلاقي والقيمي إلى أي مدى وصلت أقلام بعض الكتاب في انغماسها في مستنقع الدم السوري المستباح منذ ستة شهور وكيف أن هذه الأقلام التي تدعي القومية باتت مرتهنة للمستبدين والطغاة.. تسوق أباطيلهم وأكاذيبهم.. وتسوغ جرائمهم وقمعهم للجماهير المطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية، وكيف أنها بهذه المواقف الرخيصة تطعن القوميين في مقتل، وتدك ما تبقى من معاقلهم وفكرهم في أذهان المواطن العربي الذي تمكن من تطوير نفسه بعيداً عن التأثر بمثل هذه الأقلام التي لا تزال تغرد في ضبابية القرن الماضي، بعيداً عن تطور علم الحاسوب والبرمجيات والاتصالات والإنترنت التي جعلت من العالم في القرن الحادي والعشرين قرية صغيرة تسبح في فضاء مكشوف لا يمكن حجبه أو تزييفه، فعين الإنسان باتت ترصد كل ما يجري على هذه الأرض بسهولة ويسر ودون معوقات.
وختاماً أقول لجريدة المجد وكتابها المساكين: أشكركم من كل قلبي على ما كتبتموه وما نشرتموه لأنكم خدمتم الثورة في سورية من حيث تدرون أو لا تدرون فقد شب المواطن العربي عن قيد أضاليلكم وافتراءاتكم، كما خدمها النظام في دمشق بأفعاله المشينة التي باتت حديث الإعلام في كل العالم وعلى قنواته بالصوت والصورة التي تعكس حقائق ما يجري في سورية، وأؤكد لكم أن ما يجري في سورية هو ثورة حقيقية لا يمكن أن يخمدها رصاص السلطة المجنون الذي يستهدف الشيخ قبل الطفل والمرأة قبل الرجل، وأنصحكم أن تقفزوا من سفينة النظام السوري الغارقة قبل فوات الأوان، فالتاريخ لا يرحم والشعوب لا تنسى!!

CONVERSATION

0 comments: